top of page

نتائج البحث

 

تم العثور على 151 عنصر لـ ""

  • القائد الواثق!

    شؤونٌ تربويةٌ، الثقة إحدى أهم سمات القادة. لم يرد أن من تميز بالقيادة والريادة في قيادة مؤسسته، قد أظهر الخوف والتردد أو الخجل عند القياد بعمله. القائد الفذ يلزمه الثقة بنفسه والثقة بالأخرين. الثقة هي مفتاح لإلهام فريق العمل للعمل والإنجاز والعطاء والسير في طريق الريادة والإبداع. الثقة تبنى وتكتسب بالممارسة والجد والإجتهاد والمثابرة والإنطلاق نحو التجديد والإبتكار في العمل بكل جرأة وإقتدار. الثقة تبنى بعدم التردد والبحث عن فرص النمو المهني والمهاري. الثقة هي مفتاح القائد للتميز، يصل إليها بمزيد من التجربة والإقدام في إستكشاف وخلق فرص تطوير العمل والمؤسسة والقيام بأدوار ومهام جديدة مبتكرة.

  • التعامل التربوي مع كذب الأطفال

    شؤون تربوية يمثل الكذب أحد السلوكيات المرفوضة إجتماعيا ودينيا وقيميا واخلاقيا من الجميع بغض النظر عن أي عوامل او مبررات يمتلكها من يمارسه، لما يترتب على فعله من عوائد غير سوية على الفرد والمجتمع وبالتالي ضياع وفقدان للثقة وفقدان للحقيقة، ولعل الفئة الأكثر التي يصدر عنها سلوك الكذب وتشعر الأسر تجاهها بالحيرة والقلق والرغبة في العلاج المباشر وبصمت هي فئة الأطفال الصغار، الذين بدأوا للتو في فهم الفرق بين الخيال والواقع. و يمارس الأطفال الكذب من خلال ممارسة بعض السلوكيات والتصرفات وإنكارها وعدم الاعتراف بفعلها، وبالمجمل يمارس الأطفال أكذوبة أو اكثر من وقت لآخر، لكن هل يجب أن تعاقب الطفل، وتتأكد من أنه يعلم - بعبارات لا لبس فيها - أن الكذب غير مقبول على الإطلاق. إن المهمة تربوية مطلقة وتقع على عاتق الوالدين وبأن المهمة قد تكون طويلة للعلاج، وخلالها يجب أن تبقى خطوط الاتصال مفتوحة مع الأطفال لضمان العلاج والوصول إلى نتائج أن لا كذب بعد اليوم مهما تعددت الاسباب والمبررات. يبدأ العلاج بالنظر إلى الكذب بأنه فرصة لبناء المهارات وتعديل السلوك، لذا يجب على الآباء أن يتوقعوا أن يكذب الأطفال في مرحلة ما وأن يحاولوا مقاومة إنزعاجهم ببساطة وعدم اللجوء لمعاقبتهم. لذلك فإن الوصول لمعرفة المهارات الأساسية التي يفتقر اليها الطفل خطوة أولى، وبالتالي فإن هذا الفقدان لهذه المهارات يؤدي به للكذب ومثال ذلك مهارة حل المشكلات أو المهارات الاجتماعية للتواصل مع أقرانهم، ويجب أن يرافق هذه المعرفة للمهارات عدم الفزع واظهار الغضب، كون ذلك يقلل من احتمالية ثقة الطفل بالأهل والانفتاح على المواقف الصعبة في المستقبل. إن الأطفال هم أصغر من أن يفهموا الكذب كخيار أخلاقي. وإنهم لا يفكروا دائمًا قبل التصرف، لذا فهم لا يتوقعوا العواقب، ولعل إسلوب رد الكذبة بحقيقة أمر لا بد منه مقابل عدم العقوبة والإنزعاج والغضب بتقديم الدليل بعبارات بسيطة ولكن ملموسة، وهنا تستطيع مساعدة الطفل على فهم الصواب من الخطأ. كذلك عليك كأب وأم مسؤولية التحدث مع الطفل أكثر عن أهمية قول الحقيقة وقراءة قصة او كتاب عن الكذب والتأكد من أن تكونوا قدوة حسنة من خلال قول الحقيقة، وإذا كشفت كذبة للطفل في مرحلة ما قبل المدرسة، فلا نجعل الأمر مهمًا - فهو لا يزال يستكشف ويختبر في هذا العمر، ولك أن تستفيد من مهاراتهم اللغوية المتزايدة لتعليمهم الخيارات الأخلاقية. وغالبا يلجأ الطفل للكذب لعدم قدرته على أداء بعض الاعمال والمهام وخاصة في بداية مرحلة المدرسة حيث يفتقر الى المهارات اللازمة، لذلك يكذب للتضليل أو التلاعب ولتجنب المواقف غير المريحة، حيث يرغب الأطفال عادة في فعل الشيء الصحيح، لكن عندما يفتقروا إلى المهارات اللازمة للتعامل مع الموقف، فإنهم يختاروا الطريق الأقصر والأسرع. لذلك فإن علينا تحديد ما وراء الكذبة ، سواء كان ذلك نقصًا في مهارات حل المشكلات أو الشعور بعدم القدرة، ويكون الحل بتعليم الطفل كيفية حل المشكلات وتجاوز المواقف غير المريحة والتفكير مسبقًا في العواقب المترتبة على سلوكه. وأن يتم النظر الى الفجوات في مهارات الطفل كفرصة لتقليل الحاجة إلى الكذب، ومشاركة تجارب من ماضيك كأب وأم بدلًا من معاقبة، لكن لا تدعوهم يفلتوا من التدقيق والتعريف بإنه يكذب، وبأن ذلك مرفوض وغير مرغوب به، وإلا سيروا في الكذب طريقة أسهل لتجنب العواقب أو إيذاء المشاعر، وتعتبر النمذجة أكثر أالأساليب فائدة في العلاج من خلال وجود نماذج صادقة وقادرة على حل المشكلات وقدوة صالحة في التعامل والتفاعل وحل المشكلات وخلق بيئة دافئة حاضنة للأطفال. وأن نساعد الأطفال على فهم تأثير اختياراتهم واثار افعالهم وتصرفاتهم وبأن للكذب عواقب وخيمة، في كثير من الأحيان وأن يفكروا بالمستقبل فهو للصادق والأمين والمجد والمجتهد. ويتوجب على الوالدين التحدث مع أطفالهم، وشرح مخاوفهم وحرصهم على ابناءهم لإعتبارات أخلاقية أو إعتبارات تتعلق بالسلامة. ويجب كذلك عدم التساهل في قضية الكذبة البيضاء من خلال تعزيز أهمية قول الحقيقة والحوار معهم ومناقشتهم حول أن الكذب يمكن أن يؤثر على سمعتهم، و كيف تريد أن يراك الأصدقاء و كيف تريد أن ترى نفسك؟ هل تشعر بالفخر بنفسك عندما تكذب، أو بالأحرى عندما تكون صادقًا ولطيفًا. إن الكذب طريقا لقضايا ومشكلات اكبر، قد يسقط بها الاطفال مبكرا، وعند تقدمهم بالعمر، لذلك فإن الحل يجب أن يكون مباشرة وبطريقة وبمنحى تربوي بعيدا عن الإنفعال والإنزعاج وردة الفعل غير التربوية. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • الإعتماد الدولي لكليات التربية (CAEP)

    أ‌. د. محمد صايل الزيود، أستاذ في قسم القيادة التربوية والأصول، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية تمثل الإعتمادات الدولية للجامعات وبرامجها ضرورة ملحة لضمان الجودة والنوعية فيما تطرحة من برامج علمية وما يترتب على هذه الإعتمادات من تطبيق رفيع المستوى لمعايير ومؤشرات علمية ترتبط بكل تخصص وبرنامج للإرتقاء بتدريس وبطرق تدريب الطلبة وتأهيلهم وتمكينهم من المهارات والكفايات والخبرات التي يحتاجها سوق العمل، وبما يضمن تقدم الجامعات المعتمدة عالميا في التصنيفات العالمية والتي تطبق معايير متطابقة مع معايير الإعتمادات الدولية للبرامج والتخصصات المختلفة. ويبرز في كل مجال علمي تختص به كل كلية جامعية مؤسسات للإعتماد الدولي تتبى معايير ومؤشرات عالمية مرموقة ترتقي بجودة التدريس و التأهيل والتدريب للطلبة أثناء التحاقهم في هذه البرامج وضمن إشتراطات لجودة البنية التحتية وتوافر أخر المستجدات التكنولوجية اللازمة في البرامج التي تسعى للحصول على الإعتماد. ويقف على رأس المؤسسات التي تعنى بإعتماد كليات التربية عالميا، مجلس إعتماد كليات التربية الأمريكي ( CAEP) والذي يتطلب الحصول عليه بناء وقيادة فريق عمل متجانس يعمل بجد وإلتزام ومسؤولية لتطوير العملية التعليمية، وبالتالي وجود جودة حقيقة لما تطرحة كليات التربية من برامج تعليمية، إلى جانب بناء ثقافة الإعتماد الأكاديمي الدولي لبرامج كليات التربية لدى اعضاء الهيئة التدريسية والادارية، خاصة أن هذه الثقافة تواجه مقاومة كبيرة كون الإعتماد يعني مزيد من الجهد والعمل في تطبيق المعايير وتوفير أدلة علمية على ذلك من نتاج عمل اعضاء هيئة التدريس والطلبة وجهات التوظيف والجهات التي تشرف على مؤسسات التربية والتعليم العالي والعام. إن الحصول على إعتماد مجلس كليات التربية الأمريكي يتطلب التدريب لأعضاء هيئة التدريس على كيفية تطبيق معايير الإعتماد الخمسة في تدريسهم من خلال تبسيط هذه المعايير المتمثلة بمعيار المعرفة الأكاديمية والتربوية (البيداغوجية) و معيار التدريب الميداني والشراكات ومعيار الإختيار والقبول للطلبة بجودة عالية ومعيار أثر و فاعلية البرامج ومعيار ضمان الجودة في برامج اعداد المعلم والتحسين المستمر لها، والتعريف بالمتطلبات الفرعية لكل معيار من المعايير الخمسة وتتمثل بمئة متطلب فرعي. كما يتطلب تدريب أعضاء هيئة التدريس على تطبيق معايير إتحاد دعم و تقييم المعلمين الجدد (Intasc) والتي تعتبر جزء لا يتجزأ من معايير الإعتماد الخمسة والتي تتضمن مجال المتعلم و التعلم ومجال المحتوى التعليمي ومجال الخبرات التعليمية و مجال المسؤولية المهنية وتتمثل بثلاثة مئة مؤشر فرعي يتوجب تطبيقها من قبل جهات عدة تعنى وتتشارك في إعداد طلبة كليات التربية لتأهيلهم ليكونوا على درجة عالية من الكفاءة والقدرة والمهارة. ويتضمن إعتماد مجلس إعتماد كليات التربية ضرورة بناء الأدوات العلمية لجمع البيانات اللازمة لقياس تطبيق معاييره في كل مادة ولكل برنامج تطرحة كليات التربية وللكلية بشكل مجمل، بحيث يتم بناء أدوات لجمع البيانات الكمية والنوعية من أعضاء هيئة التدريس وطلبة الكلية والمعلمين المشرفين على طلبة التدريب العملي في المدارس ومراكز التربية الخاصة ومن طلبة المدارس والمراكز والمدراء واولياء الامور الذين يدرسهم طلبة الكلية اثناء فترة تدريبهم العملي. كما إن الإعتماد يتطلب وجود نظام لملف المادة الدراسية بحيث يقوم هذا النظام بقياس مستوى تحقق نتاجات التعلم لكل مادة تدرس ولكل برنامج بالربط بين نتاجات التعلم وعمليات التقييم التي تستخدم ونتائج تحصيل الطلبة في كل مادة بحيث يتم التحقق من مستوى تحقق نتاجات التعلم للمواد بتناغم مع تحقق نتاجات تعلم البرنامج الواحد وبشكل تدريجي لكل فصل ولكل دفعة تتخرج من البرنامج ولكل طالب بناء على نتائجة الأكاديمية. إن أحد أهم خطوات السير في تطبيق معايير إعتماد كليات التربية الأمريكي وجود فرق عمل أو لجان لكل برنامج للإعتماد الأكاديمي لجميع برامج الكليات وتدريب هذه اللجان على كيفية تطبيق معايير الإعتماد الخمسة ومجالات ومؤشرات إتحاد دعم و تقييم المعلمين الجدد من خلال عقد ورش عمل تدريبية ولقاءات حوارية لتمكين اعضاء هيئة التدريس من التطبيق الصحيح للمعايير وبناء ثقافة الإعتماد الدولي والجودة لديهم، وأن يرافق ذلك التعريف والتدريب للطلبة على تطبيق معايير الإعتماد ومجالات ومؤشرات إتحاد دعم و تقييم المعلمين الجدد من خلال عقد ورش عمل تدريبية ولقاءات حوارية معهم. كما أن البنية التحتية المادية تشكل ركيزة اساسية للحصول على الإعتماد، ويتطلب ذلك التحديث للمرافق التعليمية وتزويدها بالتكنولوجيا اللازمة للعملية التعليمية، بما يضمن تطبيق دقيق للمعايير اثناء تدريس الطلبة وتفاعلهم في القاعات الدراسية والمختبرات. إن تطبيق جميع معايير ومجالات ومؤشرات الإعتماد الدولي الأمريكي ومؤشرات إتحاد دعم و تقييم المعلمين الجدد يجب أن يوثق بأدلة قاطعة لكل فعالية تعليمية وتدريسية وتدريبية وتقييمية تتم أثناء إعداد الطلبة في جميع برامج كليات التربية ومن مختلف المصادر المعنية والتي تتشارك في إعداد الطلبة لمهنة التعليم، يلي ذلك تقديم الدراسة الذاتية لكل برنامج وللكلية كوحدة واحدة بتنظيم يبرز تطبيق المعايير والمؤشرات المختلفة والمتنوعة والأدلة المعززة المادية المبرهنة على الجودة والنوعية للبرامج. إن تطبيق المعايير والمؤشرات المتنوعة يجب أن يتراوح بين فترة زمنية تتراوح بين ثلاثة فصول دراسية وثلاثة سنوات، بحيث تحدد الكليات المسار الذي يخدمها بالتسيق مع مجلس الإعتماد الأمريكي ليصار إلى تحديد موعد الزيارة التقييمية للواقع ومطابقته مع الوثائق والتقارير والدراسة الذاتية وتتم الزيارة عادة بعد قرابة العام من تحديد موعدها. ويشكل التواصل مع المستمر مع مجلس إعتماد كليات التربية الأمريكية ضرورة ملحة لغايات الاستفسار واخذ التغذية الراجعة حول الخطوات التي يتم إنجازها وكيفية الإنتقال للخطوات التي تليها، لضمان أن تطبيق معايير الإعتماد والمؤشرات يسير بالإتجاه الصحيح. بالمحصلة، يشكل الحصول على إعتماد مجلس إعتماد كليات التربية الأمريكي وسيلة للتميز في الأداء ولضمان إعداد جيل من المعلمين والقيادات التربوية وأصحاب الإختصاص في التربية الخاصة والإرشاد النفسي والمناهج والأصول التربوية وتكنولوجيا التعليم وعلم النفس التربوي على درجة عالية وعالمية من الجودة والإتقان، وبما يضمن إرتقاء كليات التربية والجامعات التي تضمها على سلم التصنيفات العالمية المرموقة. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.

  • تجاوز تحديات التعليم عن بعد

    الدكتورة اسراء عبدالله محمد، وزارة التربية والتعليم، الأردن إن المتأمل لوضع التعليم وعلى المستوى الإقليمي والعالمي في السنوات القليلة الماضية، يجد أنه إتجه نحو التوظيف الكامل للتقنية والتكنولوجيا في عملياته؛ وذلك إستجابة لما يشهده العصر من تقدم علمي وتكنولوجي ونظرا لحاجات سوق العمل من الخريجين المهرة في إستخدام وتوظيف التكنولوجيا في مجالاتهم العلمية والمعرفية، لذلك فإن أنظمة التربية والتعليم عالميا عززت من التطوير والإستثمار في بنيتها وعملياتها وأنظمتها ومناهجها، للوصول الى أهدافها السامية المتمثلة بتمكين الأجيال الناشئة من لغة العصر و مهارات عليا في إستخدام أدوات الإتصال وتقنية المعلومات والتطبيقات الذكية. إن هذا الإقبال على توظيف التكنولوجيا في العملية التعلمية مهد الطريق والظروف للتعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث أصبح العالم في سباق مع الزمن لإتخاذ قرارات لتسيير العمليات التعليمية بحد معقول من الجودة، مع القناعة بأن العالم لن يعود كسابق عهده من حيث طبيعة العمليات التعليمية، وبأننا في مرحلة أن نودع عصرا ونستقبل عصرا جديدا، عصر يرتكز على التعلم وليس التعليم. لذلك أصبح على المؤسسات التربوية بكافة أطيافها الوقوف أمام هذه التحديات والعمل بمرونة أكثر وتنبؤ بسيناريوهات المستقبل بما فيها الأوبئة والكوارث الشاملة الآثار، وتعليم مهارات حل المشكلات والأزمات، ومهارات التفكير والتواصل والتي تعتبر أهم ركائز التعليم الناجح. لقد أصبح التعليم خارج أسوار المدرسة أمرا بالغ الأهمية، وأن الحصة الصفية يجب أن تتعدى اعتبارات الزمان والمكان والجوائح والأزمات، لذلك أولت الحكومات عالميا اهتماما بالغا بهذا الجانب، فاتجهت الى التعليم عن بعد؛ وذلك بعمل دروس وحصص يومية لكافة المواد من خلال منصات خاصة بها لتزويد الطلبة بالعلوم والمعارف المطلوبة ضمن المناهج المقررة، ولجعل الطلبة على صلة دائمة بدروسه ومع معلميه، الأمر الذي اقتضى المزيد من الجهد لانجاح عملية التعلم عن بعد سواء من قبل المدرسة والمتمثلة بالمعلمين والإداريين أو من خلال تعاون أولياء الأمور. إن قرار فتح المدارس وفي جميع بلدان مخاطرة كبيرة وقد تراجعت أغلب دول العالم عن قرارات فتح المدارس والمؤسسات التعليمية؛ خاصة أن اختلاط الطلبة بعضهم ببعض قد يشكل بؤر جديدة للعدوى ونقل المرض على نطاق مجتمعي أوسع، مما يجعل الوضع الوبائي في خطر. ولعل دول عديدة يعاني طلبتها من نقص في الامكانات المادية التي تدعم تعلمهم عن بعد، من مثل النقص في أجهزة الحواسيب أو الاجهزة الذكية أو حتى الانترنت؟ وبعض الأسر التي لا تمتلك الا جهازا واحدا لجميع أفراد الأسر، من هنا نجد معاناة الكثير من الأسر في ظل الظروف الراهنة، وعدم قدرة الأسرة على توفير مستلزمات التعليم عن بعد لأبنائها. قد يشير البعض بأن هذا الوضع طارئ ومؤقت، لكن الواقع يشير بقوة أن هذه المحنة مستمرة وبالتالي فإن على المؤسسات التعليمية جعل التعليم عن بعد جزء لا يتجزأ من عملياتها ولا يمكن الإستغناء عنه. من هذا المنطلق يجب علينا التنبه الى الآثار السلبية التي أفرزها التعليم عن بعد؛ خاصة عند النظر الى أن آثاره أكثر وضوحا في البلدان التي تنخفض فيها نتائج التعلم، وترتفع فيها معدلات التسرب من التعليم، وتضعف قدرتها على الصمود أمام الأزمات، لذلك فإن قرار اغلاق المدارس لمدد طويلة سيعزز التدريس بالحد الادنى من الجودة ومن التمكن من المهارات التي تقدمها المناهج الدراسية، وغياب مراعاة الفروق الفردية، وضعف مهارة حل المشكلات والتواصل الفعال؛ كون الطالب يشاهد الدروس ومقاطع الفيديو التعليمية دون أن يكون له دور في إبداء رأيه، أو في الحوار الفعال مع معلمه. أضف الى ذلك المخاوف الكبيرة التي سيسهم بها التعليم عن بعد في تقوية التفاوت الطبقي بين الطبقة الغنية القادرة على تلبية احتياجات أبنائها والطبقة المتعسرة، كذلك ضعف تعلم فئة أطفال الروضة والمراحل الثلالثة الأولى؛ كونها تحتاج الى التواصل الاجتماعي والتعلم بالحواس، وخاصة تنمية المهارات الحركية الصغرى والكبرى، كما أنه سيسهم في زيادة عدد المتسربين عن التعليم وضعف جدية الطلبة، وقلة دافعيتهم في التحصيل العلمي. أضف الى ذلك زيادة العبء على المعلمين في ايصال المادة التعليمية للطلبة بالطريقة المناسبة، وضعف بعض المعلمين بالمهارات الالكترونية اللازمة والمناسبة لمثل هذا النوع من التعليم. لذلك نجد لزاما على القائمين على العمل التربوي وأصحاب القرار العمل بجدية على تطوير المناهج وإعادة النظر لمحتواها بما يتناسب مع طبيعة التعلم عن بعد، والتحول الرقمي، وطرق التواصل عن بعد التي أصبحت ضرورة بالغة الأهمية يجب أخذها بعين الاعتبارلمواكبة التغيرات الطارئة التي أحدثتها جائحة كورونا في العالم أجمع. كما يجب العمل على إعداد وتأهيل جديد نوعي للمعلم ليكون قادرا على أن ينوع في أساليبه واسترتيجيات التدريس لديه لتغطية الاحتياجات المختلفة للطلبة، ومراعاته للفروق الفردية، وعدم التركيز على التلقين لايصال المعلومة؛ بل إيجاد قنوات للتواصل بين المعلمين والطلبة، كما يجب أن تعطى الخطط التعليمية الأولوية للتعلم التفاعلي والتعلم النشط والتعليم المتزامن لجميع الطلبة، والتركيز على عمل مجموعات تعليمية لتحقيق أسس التعاون بين الطلبة. كما يجب عليهم إعادة تشكيل الصورة الحديثة للمعلم ولطرقه التعليمية ليصبح ميسرا للعملية التعليمية وتزويده بالمهارات اللازمة للتواصل الرقمي و مهارات الذكاء العاطفي والاجتماعي والمهارات اللغوية ليصبح أكثر فعالية في تواصله معهم. إن التعليم عن بعد هو الحل الأمثل في الوقت الحاضر لجميع الفئات ولكافة المراحل، وهو مطلب عالمي للحد من انتشار الأمراض والأوبئة، لذلك أصبح من الطبيعي التعايش مع هذا الظرف الطاريء وتقديم التعليم بشكل ميسر وبجودة عالية لكافة الطلبة ولجميع الأعمار والمراحل الدراسية سواء في التعليم المدرسي أو الجامعي. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.

  • التنمر الإلكتروني

    أ‌. د. محمد صايل الزيود، أستاذ في قسم القيادة التربوية والأصول، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية تعيش المجتمعات البشرية مرحلة الإستخدام الواسع للإجهزة الإلكترونية والتطبيقات الذكية من مختلف الفئات العمرية، فأصبح من الطبيعي ان تجد الطفل الذي لا يتجاوز عمره بضع سنوات يمسك بيدية جهاز لوحي او خلوي ويتصفحة بكل إقتدار. هذا الإستخدام الواسع للأجهزة الإلكترونية والتطبيقات الذكية إمتد ليشمل مختلف مجالات الحياة ولم يقتصر على مجال محدد، فمن التربية والتعليم والرياضة والترفية والمسابقات والمال والأعمال للسياحة والسفر والعلم والمعرفة والتواصل والتفاعل الاجتماعي وغيرها الكثير من المجالات التي تزداد بمرور الأيام. لقد أفرز هذا الإستخدام ظهور ممارسات غير تربوية وغير سوية وغير إنسانية تمثلت بما تم التعارف عليه بالتنمر الإلكتروني قياسا على ظاهرة التنمر التقليدية التي تمارس من قبل البعض مباشرة وجها لوجه وخاصة لدى الفئات العمرية المبكرة في المدارس إجمالا من خلال قيام أبناء فئة عمرية معينة ذات خصائص نفسية وشخصية ولديها ظروف وعوامل شكلتها لممارسة السيطرة والهيمنة والإبتزاز تجاه الأخرين لإعتبارات متعددة ابرزها نفسية واجتماعية واقتصادية، واصبحت ممارسة هذا التنمر من خلال الفضاء الإلكتروني ومن الأجهزة والتطبيقات الإلكترونية الذكية. إن من يمارس التنمر الإلكتروني يعيش ظروف نفسية غير سوية وحتما لديه إضطرابات نفسية، وتسيطر عليه ثقافة الحقد والكراهية والحسد والرغبة في الإنتقامـ، كل ذلك يؤدي به للسعي للإيذاء والتلذذ في الإساءة للأخرين معنويا وماديا. ويمارس ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وعبر فضاء الألعاب الإلكترونية وعبر وسائل التراسل المباشر. يشير التنمر الإلكتروني إلى الإساءة والذم والقدح والتشهير والتهديد والإبتزاز ونشر معلومات وصور مفبركة كاذبة عن الأخرين بغرض إغتيال شخوصهم إجتماعيا وأسريا ومهنيا وبغرض الحصول على مكاسب مالية في بعض الحالات من الشخص الذي يتم التنمر عليه. كذلك فإن التنمر الإلكتروني في ابسط صوره يتمثل بالتهجم على الأخرين ونشر معلومات مضللة مسيئة عنهم ويتطور بالتهديد والوعيد والابتزاز لإعتبارات متعدد منها الإعتبار المالي او الجسدي، ويرافق التنمر الإلكتروني في العديد من الحالات إمتلاك المتنمر مهارات تقنية والكترونية تمكنة من السيطرة على حسابات الأخرين ووضعهم تحت التهديد والوعيد والإبتزاز لغايات كثيرة أقلها الإبتزاز المالي. ويترك التنمر الإلكتروني أثارا مدمرة على حياة الإنسان اذا ما استمر واذا لم يتم التعامل معه بحكمة وروية وفقا للقوانين التي تحكم الحياة العامة والخاصة للأشخاص والتي تنفذها السلطات الرسمية، لذلك فإن العديد من بلدان العالم قد شرعت قوانين سميت بقوانين الجرائم الإلكترونية والتي يندرج تحتها التنمر الإلكتروني بإعتباره جريمة تمارس بحق الأبرياء نظرا لأثارها النفسية المدمرة على الإنسان فيسود حياته التوتر والقلق والخوف والحيرة والعيش تحت ضغوط نفسية تخرجه من دائرة الفعل السوي والشخصية السوية القوية الى دائرة الفعل المرتبك المتردد والشخصية المنهزمة التي تستجيب للإبتزاز وتقع تحت وطأته، ويصاحب هذه الأثار النفسية، الأثار الجسدية التي تتجلى بالضعف والهزال لمن يقع تحت تأثير التنمر لفترات زمنية طويلة دون أن يبادر لمواجهته بالشكل الرسمي وعبر القنوات القانونية خوفا من المتنمر وخاصة اذا كان لديه مستمسكات مادية من مثل الصور وغيرها والتي قد تسيئ لصاحبها اسريا واجتماعيا اذا ما تم نشرها. لقد وضعت العديد من الإجراءات من قبل المنصات الإلكترونية لمنع والحد من التنمر والإبلاغ عنه بوسائل متاحة لعامة الناس ولكل من يستخدم الأدوات التقنية والتطبيقات الذكية، إلى جانب التواصل مع الجهات والسلطات الرسمية المختصة التي تمتلك الأدوات التقنية والقانونية لملاحقة المتنمر ومعاقبته، لذلك فإن مسؤولية إيقاف التنمر ومعاقبة من يتجرأ على ممارسته تقع على عاتق من يتعرض للتنمر بالإبلاغ عن تعرضه للتنمر وبان يقدم كل معلومة متوفرة لدية للجهات المعنية دون خوف او تردد وعليه أن لا يستجيب لأية ضغوطات وأن لا يخضع لمطالب وشروط المتنمر مهما إمتلك من معلومات أو بيانات، كون يد العدالة وسيادة القانون هي التي ستسود وإن أخذت بعض الوقت بفعل المتابعة والتدقيق للوصول للمتنمر بالشكل والطرق القانونية. إضافة إلى الوعي الذي يجب أن يمتلكه كل من يستخدم الأجهزة والتطبيقات الذكية بعدم الإستجابة وعدم التواصل والتفاعل عبر الفضاء الإلكتروني بدون تدقيق وحيطة وحرص زائد وعدم تبادل أية معلومات او صور او اية معلومات خاصة مع الأخرين وعدم تقبل الصداقة او التعليقات الخارجة عن المألوف والتي تكون بداية للتنمر الإلكتروني. إن التنمر الإلكتروني ظاهرة عالمية تتطور وتأخذ العديد من الصور والأشكال، لكن يمكن مواجهتها بالوعي والجرأة وعدم التردد والخوف وعدم الإنصياع لرغبات المتنمر وبالتنسيق والتواصل وطلب العون والدعم من قبل السلطات الرسمية ومن قبل الإصدقاء. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.

  • التعليم الثانوي في كوريا الجنوبية

    التعليم الثانوي الكوري الجنوبي يرتكز على ثوابت علمية واكاديمية وضمن امكانات تربوية متقدمة لغايات الاعداد والتاهيل للطلبة لمرحلة بالغة الأهمية تربويا واجتماعيا واقتصاديا. حيث تتكون دورة المدرسة الثانوية في كوريا من ثلاث سنوات. يمكن قبول الطلبة الذين تخرجوا من المدارس المتوسطة، أو اجتازوا اختبار التأهيل و / أو التقييم الذي يقدِّم درجاتِ معادَلة في المدارس الثانوية. يوجد أربعة أنواع من المدارس الثانوية: - المدارس الثانوية العامة. - المدارس الثانوية ذات الأغراض الخاصة. - المدارس الثانوية المهنية. - المدارس الثانوية المستقلة. و تختلف إجراءات اختيار الطلبة حسب أنواع المدارس و / أو موقع المدرسة (على سبيل المثال: المناطق الحضرية أو الإقليمية). يُطلب في هذه المرحلة من الطلبة دفع رسوم القبول والتعليم؛ لأن المدرسة الثانوية لا تعتبر تعليمًا إلزاميًّا في كوريا. وتقدم المدارس الثانوية العامة التعليم العام عبر مناطق متنوعة، والتي تمثل الجزء الأكبر من جميع أنواع المدارس الثانوية. يتم اختيار الطلبة بشكل عام؛ بناءً على سجلاتهم الأكاديمية ودرجات امتحان الاختيار في المنطقة. و تهدف المدارس الثانوية ذات الأغراض الخاصة إلى توفير التعليم المهني و / أو التدريب في المجالات المتخصصة، ويمكن تقسيمها إلى مسارات تخصصية متعددة: فبينما تعمل العلمية منها على تربية المتعلمين الأذكياء في العلوم، تقوم المتخصصة باللغات الأجنبية على تربية المتعلمين الموهوبين في اللغات الأجنبية، والدولية منها على تربية المهنيّين المشهورين دوليًا، وأما المتخصصة بالفنون فتربى الفنانين، والرياضية تربى الرياضيين، وتتخصص المدارس المخصصة لتلبية الاحتياجات الصناعية بتقديم المناهج التي ترتبط مباشرة بالقطاعات الصناعية. يتم اختيار طلبة المدارس الثانوية ذات الأغراض الخاصة بناءً على: النصوص، وتوصيات المعلمين، والمقابلات، ونتائج اختبارات الأداء، والتقييمات التي تقيّم المهارات الأكاديمية الموجهة ذاتيًّا للطلبة، وما إلى ذلك. تهدف المدارس الثانوية المهنية إلى توفير التعليم الذي يرفع المتعلمين المبدعين والذكاء في مجالات التخصص؛ من خلال التجارب الميدانية، والتعليم المتمحور حول الخبرة؛ وفقًا لمهارات الطلبة ومواهبهم وقدراتهم. يتم توفير التعليم المهني المتنوّع بما في ذلك: الزراعة - صناعة الحياة – الصناعة - المعلومات التجارية - مصايد الأسماك البحرية - الأعمال المنزلية – الأعمال - وما إلى ذلك، بخلاف الدورات العامة مثل: اللغة الكورية، والرياضيات، والإنجليزية، والدراسات الاجتماعية؛ بناءً على خصائص وأهداف المدرسة الثانوية. يتم اختيار الطلبة للثانويات المهنيّة بناءً: على سجلاتهم الأكاديمية، والمقابلات، والعروض، وما إلى ذلك. المدارس الثانوية المستقلة: هي مدارس ثانوية تتمتع بقدر أكبر من الاستقلالية في تنفيذ المناهج الدراسية؛ مقارنة بالمدارس الثانوية الأخرى. يستخدمون برامج تعليمية متنوعة ومتخصصة تتمتع بقدر أكبر من الاستقلالية والمساءلة في إدارة المدرسة. توجد مدارس ثانوية عامة مستقلة، ومدارس ثانوية خاصة مستقلة. يتم اختيار طلاب المدارس الثانوية العامة المستقلة بناءً على: السجلات الأكاديمية، ودرجات امتحانات الاختيار في المنطقة، ويتم اختيار طلاب المدارس الثانوية الخاصة المستقلة بناءً على: النصوص، وتوصيات المعلمين، والمقابلات، والتقييمات التي تقيّم مهارات الطلبة الأكاديمية الموجهة ذاتيًّا. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • ثقافة المربي

    أ. د. محمد أمين حامد القضاة، أستاذ في قسم القيادة التربوية والأصول، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية لأن التربية ليست قواعد نظرية تفتقر إلى التطبيق، ولأنها تجمع بين العلم والعمل، وبين الفكر والسلوك، يعد المربي –إن جاز التعبير- منهجاً تربوياً ضرورياً لنمو الإنسان وتنمية قدراته؛ مما يحتم على المربي أن يشكل قدوة للمتربي بكافة المجلات، فالمربي الذي يريد أن يشكل ثقافة إنسان آخر وفكره واتجاهه لزاما عليه أن يتحلى هو أولا بتلك الصفات. وفي هذا المجال يؤكد قطب أنه من السهل تأليف كتاب في التربية، ومـن السـهل تخيل منهج – وإن كان في حاجة إلى إحاطة وبراعة وشمول– ولكن هذا المنهج يظـل حبـراً على ورق، يظل معلقاً في الفضاء ما لم يتحول إلى حقيقة واقعة تتحرك في واقع الأرض، وما لم يتحول إلى بشر يترجم بسلوكه وتصرفاته ومشاعره وأفكاره مبادئ المنهج ومعانيه، عندئـذ يتحول المنهج إلى حقيقة، ويتحول إلى حركة، يتحول إلى تاريخ، لكي يعرف الناس أنه حق، ثم يتبعوه[2]. وهذا ما أكده أبو حامد الغزالي حينما قال: "فاعلم أنه ينبغي للسالك شيخ مرشد مرب ليخرج الأخلاق السيئة منه بتربيته، ويجعل مكانها خلقا حسنا، ومعنى التربية يشبه الفلاح الذي يقلع الشوك، ويخرج النباتات الجانبية من بين الزرع ليحسن نباته ويكمل ريعه[3]. وتأتي هذه الورقة والموسومة ب "ثقافة المربي لتكشف عن أهمية ثقافة المربي في بناء المتربين فكرا وسلوكا.. وستتضمن الورقة مفهوم التربية، ومفهوم الثقافة، وثقافة المربي. وستكون على جزئين: الأول يعرض مفهوم التربية، ومفهوم الثقافة، فيما يعرض الجزء الثاني ثقافة المربي. أولاً: مفهوم التربية: للتربية جذور لغوية هي: ربا: بمعنى نما وزاد. ربَ: بمعنى أصلح. ربي: بمعنى نشأ وترعرع. فالتربية في لغة تعني: النماء، الزيادة، التزكية، والعلم، والإصلاح، والتأسيس والإنشاء. و"رب الولد – ربا: وليه وتعهده بما يغذيه، وينميه ويؤدبه. والنعمة ربا، وربابا، وربابة: حفظها ونماها، والشيء أصلحه ومتنه"[4]. و "رب في الأصل التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام، يقال رَبَّهُ، وربّاه ورَبَّبَهُ"[5]. وربأت الأرض رباء: زكت وارتفعت، وقرئ: (فَإذَا أَنْزلْنَا َعلَيها الْماءَ اهتَّزْت َوَربَت َوأَنْبَتَ من كل َزْوٍج بَهيج) (الحج:5.). وربت: أي ارتفعت"[6]. والتربية تعني بـ "الإنسان" و "تعديل" وتغير سلوكه من كائن بيولوجي فطري إلى كائن اجتماعي يؤدي رسالته الكونية وفقا لمجموعة من الضوابط والقيم التي تتضمنها التربية في مجتمع ما. وعليه فالمعنى اللغوي لكلمة تربية يتضمن العناصر الآتية: النمو والزيادة والتنشئة. أما اصطلاحا فالبرغم من تباين معنى التربية ومفهومها تبعا لتباين واختلاف طبيعة الدراسات النفسية والاجتماعية في نظرتها للفرد وللمجتمع؛ لأن العمل التربوي ينصب على تنشئة الإنسان وتكوينه، كما أن الذي يتولى هذا العمل هو الإنسان نفسه، والإنسان في تغير وتطور مستمرين في نظرته إلى نفسه وإلى العالم من حوله، وهذا العالم بدوره في تبدل دائم. والمقصود بذلك أن عاملي الزمان والمكان يحددان نظرة الإنسان وتعريفه للتربية، فمعنى التربية لا يتأثر بمرور السنين فحسب بل باختلاف المكان. وبالرغم من ذلك إلا أنه يمكن تعريف التربية على أنها: "إصلاح الفرد وتنشئته تنشئة تؤدي للنمو والزيادة" وهذا التعريف يشمل الأصول اللغوية للتربية. وبنظرة شمولية يلحظ أن التربية هي القاسم المشترك في طروحات المفكرين والمصلحين (المربين) وربما يعود ذلك إلى أن[7]: 1. التربية هي الأساس الذي اعتمده الوحي في تغيير النفوس والقيم والمفاهيم والاتجاهات (يَتلُو َعلَيِهْم َآَيَتِه َويُزكِيِهْم َويُعِلُمُهُم الْكتَاب َوالحْكَمة)َآل عمران(528). 2. الهدف والمقصد الأعلى لحركات التغريب والعلمانية التي ظهرت خلال الاستعمار كان تغيير أنماط السلوك والمفاهيم والأخلاق في منظومة القيم الإسلامية وطرح القيم الغربية العلمانية بديلاً عنها، ومن ثم كانت مواجهة الحركة الإصلاحية ترتكز في نفس محاور الهجوم وهي "السلوك والوجدان" 3. حالة التراجع الحضاري التي شهدها العالم الإسلامي في القرون الأخيرة إنما ترد في أغلبها إلى حالة الجمود العقلي وسيادة التقليد وغياب البصيرة الحضارية، وكلها ترد إلى خلل في البناء التربوي للفرد والجماعة في المجتمع المسلم. ومن هنا تعتبر التربية ظاهرة اجتماعية ذلك لأنها لا تتم في فراغ أو دون وجود المجتمع؛ إذ لا وجود لها إلا بوجود المجتمع، وفضلا عن ذلك فإن وجود الإنسان الفرد المنعزل عن مجتمعه أو جماعته لا يمكن تصوره. والتربية في كل أحوالها لا تهتم بالفرد منعزلا عن المجتمع، بل تهتم بالفرد والمجتمع معا وفي وقت واحد ومتزامن من خلال اتصال الفرد بمجتمعه وتفاعله معه سلبا وإيجابا. فالتربية تدور حول الإنسان وحول مكانه من الحضارة التي يعيشها ويصنعها مجتمعه وهذا يعطي للتربية ركائز تستمد منها وظائفها وأهدافها: · الرصيد الثقافي يعتبر مصدرا أساسيا للتربية تستمد منه مادتها وبعض تصوراتها ومقاييسها ومن هنا فإن عمليات الاستيعاب والحفظ والاسترجاع تعتبر من العمليات التعليمية الهامة لأنها تنمي عند الإنسان هذه القدرات التي ميزته عن غيره من الكائنات الحية والتي مكنته من صنع التاريخ والثقافة والمحافظة عليهما وتطورهما والاستمرار بهما وعن طريقها. · والحاضر الذي يعيشه الإنسان يعتبر مصدرا ثانيا، تستمد منه التربية أيضا أهدافها ومادتها ومقاييسها. فمشكلات هذا الحاضر وقضاياه وتحدياته هي التي تشكل التربية وتكون المطالب الملقاة عليها والإنسان لا يستطيع أن يواكب كل هذا إلا بالنقد والتحليل والاستقراء ومن هنا يصبح التفكير عملية أساسية للتربية من أجل تحقيق وظيفتها والتفكير هنا يعني إدراك العلاقة بين الحاضر بمشكلاته وقضاياه وتحدياته – وبين الماضي الذي يعتبر سببا له. · والمستقبل الذي يتطلع إليه الإنسان في مجتمعه يعتبر مصدرا ثالثا تستمد منه التربية توجيهاتها وأهدافها وتصوراتها فإذا كان الماضي يغذي الحاضر فإن الحاضر لابد أنه يغذي المستقبل بل أن تصوراتنا عن هذا المستقبل تغذي الحاضر وهكذا، والتربية بطبيعتها عملية مستقبلية كما أنها عملية ثقافية اجتماعية ومن هنا فإن تنمية التصور والتخيل والقدرة على الخلق والإبداع تعتبر من وظائف التربية لأن كل هذه القدرات هي سبيل الإنسان إلي صنع مستقبله والتنبؤ به[8]. وعليه؛ فالتربية تسعة لإضفاء جوهرها وروحها على الفراد والمجتمعات، وتبذل الأمم قصارى جهدها لتربية أفرادها ومجتمعاتها على قيمها ومعتقداتها، علاوة على السعي لتحقيق الرقي والتقدم والحضارة[9]. وحتى تكون التربية كذلك، وتؤتي ثمارها؛ لا بد لها من مرب يتصف بسمات تؤهله للقيام بدوره المنشود، ويحقق للتربية مرادها، ولا يكون كذلك إلا إن كان متمكن من مهاراتها، صاحب ثقافة شمولية، واسع الاطلاع، يعرف ما يحتاجه المتربي، ويقدم ما لديه من معرفة بمهارة ترتبط ثقافته وسعة اطلاعه بعلاقة طردية تكاملية. مفهوم الثقافة: الثقافة في اللغة: أصل (الثقافة) يعود إلى الفعل الثلاثي (ثَقَفَ). وللثقافة في اللغة العربية عدة معان منها: 1. تعديل المعوج: "ثَقَّفتُ القناةَ إذا أقمتُ عِوَجَها"[10]، و"الثِقافُ هي حديده تُسَوَّی بها الرماح"[11]. 2. القدرة على الشيء: "وثقفت الرجل في الحرب أدركته وثقفته ظفرت به"[12] 3. سرعة التعلم والفهم: قال أعرابي: "إني لَثَقفٌ راوٍ رامٍ شاعِرٌ. وقلبٌ ثقف، أي: سريعُ التعلُّم والتَفَهُّم، والثَّقْفُ مصدر الثَّقافة، وفِعلهُ ثَقِفَ إذا لَزِمَ"[13]. 4. الحذق والفهم: "ثَقِفَ الشيء ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً حَذَقَه. ورجلٌ ثَقْفٌ وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِمٌ"[14]. 5. التأدب: "تثَّقفَ فلان على فلان: أدب. ويقال: تثقَّفَ على فلان، وفي مدرسة كذا"[15]. ولهذا يقول الجابري[16] غني عن البيان القول إن كلمة "ثقافة" ترتبط في أذهاننا اليوم بشئون الفكر عامة، ولكنها مع ذلك، لا تثير فينا مضمونا واضحا محددا. ولعل السبب في هذا، راجع أن هذه الكلمة حديثة العهد في خطابنا العربي. فمعاجمنا القديمة لا تعطينا عن أصل هذه الكلمة ومشتقاته إلا هاتين الدلالتين أو ما يشبهما: "يقال ثقف الولد، إذا صار حاذقا... وثقف الكلام: حذقه وفهمه بسرعة". ويقال كذلك: "ثقف الرمح إذا قومه وسواه." وهكذا نلاحظ أن معنى "الثقافة" عند أجدادنا العرب كان: الحذق والذكاء وسرعة الفهم، فهي من هذه الناحية خصلة عقلية وليست مفهوما مجردا. كما أن التثقيف كان يعني التقويم والتسوية وهو خاص بالرمح والعود، ولم يعثر على ما يفيد امتداد هذا المعنى- معنى تثقيف الرمح- إلى الفكر أو الذهن، فالكلمة التي كانت مستعملة في هذا الشأن هي "التأديب"! كما أن "الأدب" كان يضم ما نعنيه اليوم بالثقافة، فضلا عن معناه السلوكي الأخلاقي. ومنه "المؤدب" بمعنى المربي والمعلم. ويمكن تلخيص[17] الدلالات اللغوية لكلمة الثقافة كما يلي: ۱. أصل كلمة الثقافة عند العرب من الفعل الثلاثي (ثقف) وتعني: تقويم الاعوجاج، والثقاف وهو الآلة التي سوى بها الرماح، والملاعبة بالسيف، والخصام والجلاد، والإدراك والظفر، ضبط المعرفة المتلقاة، والتأديب والتهذيب، والحذق والفهم. ۲. لكلمة الثقافة دلالتان: حسية حقيقية، ومعنوية مجازية. جاءت الدلالة الحسية بالمعاني التي كانت تتلاءم مع أحوال العرب في حياتهم المتسمة بطابع البداوة، وفي أحوالهم التي تغلب عليها الغارات والحروب، وهي: تقويم المعوج من الرماح وقد يشمل تقويم المعوج من السلوك فتجمع الدلالتان الحسية والمعنوية، والملاعبة بالسيف، والخصام والجلاد، والإدراك والظفر. 3. مع تطور أحوال العرب، واستقرارهم في المدن، وغلبة طابع المدنية والحضارة عليهم استخدمت الثقافة في بعض معانيها المعنوية؛ لتدل على جانب من التقدم التربوي والفكري مثل ضبط المعرفة المتلقاة، وسرعة التعلم، فالثقافة تعني التقويم، الحمل على الاستقامة، في الفكر والسلوك، ولما كان تقويم النفوس إنما يتم بالتربية؛ أصبحت الثقافة في جانبها المعنوي هي التربية التي تستهدف تهذيب النفوس وتقويم سلوكها. كل ذلك[18] يدل على أن كلمة "ثقافة" لم تكن في أصلها العربي مصطلحا لشيء من الأشياء الفكرية، ولا مفهوما يتمتع بقوة المفهوم، أي بدلالة معينة محددة، عامة ومجردة. ومن هنا يتأكد ذلك الرأي القائل: أن كلمة "ثقافة" في الاستعمال العربي الحديث، كلمة مولدة، اشتقت للدلالة على المعنى المجازي لكلمة culture. وهو اشتقاق موفق، خصوصاً إذا لاحظنا ذلك التقارب بين المعنى الأصلي لكلمة الحذق والتسوية، والمعنى الجديد الذي صيغت للدلالة عليه. إن كلمة culture (الفرنسية) تعني في الأصل الزراعة والفلاحة. وقد تطور مدلولها، ابتداء من القرن السادس عشر، لتفيد معنى مجازيا هو "تنمية بعض القدرات العقلية بالتدريب والمران"، ثم لتدل بعد ذلك على "مجموع المعارف المكتسبة التي تمكن من تنمية روح النقد والقدرة على الحكم". لقد نقلت الكلمة الفرنسية إذن: من زراعة الأرض واستغلال خيراتها إلى تدريب الفكر وجني ثمراته، ومن "نتاج الأرض" إلى "نتاج الفكر". وسرعان ما وقع التأكيد على أن مدلولها في ميدان الفكر يجب أن ينصرف إلى فعل الإنتاج أكثر من الإلحاح على الإنتاج نفسه، بمعنى أن المقصود منها يجب أن يكون ما يكسبه العقل من قدرات على التفكير السليم والمحاكمة الصحيحة، بفضل المعارف التي يتلقاها، والتجارب التي يخوضها، لا ما يضمه الفكر بين طياته من معارف ومعلومات. لقد ألح كثير من الكتاب الفرنسيين منذ عهد النهضة على هذا المعنى، ويكفي أن نشير إلى تلك التفرقة الشهيرة التي أقامها مونتني Montaigne بين ما سماه "الرؤوس المصنوعة جيدا" وما أطلق عليه: "الرؤوس المملوءة جدا" مفضلا الأولى على الثانية. ولعل الكثيرين منا سمعوا أيضا بذلك التعريف الطريف الذي أعطاه المسيو Herriot لـ "الثقافة" حين قال: إنها "ما يبقى لدينا بعد أن ننسى كل شيء". هذا بالإجمال ما يتعلق بالمعنى الفرنسي للكلمة. ولا بد من أن نطل هنا على ذلك المعنى الخاص الذي يستعمله فيها علماء الأنثروبولوجيا، خاصة الإنجلوساكسون منهم. إنها تدل عندهم على" مختلف المظاهر المادية والفكرية لمجموعة بشرية معينة تشكل مجتمعا بالمعنى السوسيولوجي للكلمة. يقول تايلور Taylor في نص متداول بكثرة: إن الثقافة هي "ذلك المركب الكلي الذي يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات وأي قدرات وخصال يكتسبها الإنسان نتيجة وجوده عضوا في مجتمع". وعلى العموم إن كلمة "ثقافة" في الاصطلاح الأنثروبولوجي تعني ما نعبر عنه نحن اليوم بـ "حضارة". إنها ليست البناء الفكري وحسب، بل إنها أيضا السلوك الفردي والمجتمعي وما يرتبط بهما من تقاليد وأعراف وأخلاق. وقد يضاف إلى ذاك كله أدوات العمل والإنتاج. تلك كانت، على العموم، الدلالات الرئيسية لمصطلح "ثقافة" كما بدأت تروج في الخطاب العربي منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي. ويعرف مالك بن نبي [19] الثقافة بأنها: مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته وتصبح لاشعوري العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه، وهذا التعريف يحدد مفهومها، فهي المحيط الذي يعكس حضارة معينة، والذي يتحرك في نطاقه الإنسان المتحضر. وهذا التعريف بضم بين دفتيه فلسفة الإنسان وفلسفة الجماعة، أي مقومات الإنسان ومقومات المجتمع، مع أخذنا في الاعتبار ضرورة انسجام هذه المقومات جميعا في كيان واحد، تحدثه عملية التركيب التي تجريها الشرارة الروحية، عندما يؤذن فجر إحدى الحضارات، وأما [20] الهدف فقد اتضح من أن الثقافة ليست علم خاصة لطبقة من الشعب دون أخرى، بل هي دستور تتطلبه الحياة العامة، بجميع ما فيها من ضروب التفكير والتنوع الاجتماعي، وخاصة إذا كانت الثقافة هي الجسر الذي يعبره الناس إلى الرقي والمدن، فإنها أيضا ذلك الحاجز الذي يحفظ بعضهم الآخر من السقوط من أعلى الجسر إلى الهاوية. وعلى هدي هذه القاعدة، فإن الثقافة تشمل في معناها العام على إطار حياة واحدة يجمع بين راعي الغنم والعالم جمعا توحد معه بينها مقتضيات مشتركة، وهي تهتم في معناها بكل طبقة من طبقات المجتمع فيا يناسبها من وظيفة تقوم بها، وما لهذه الوظيفة من شروط خاصة؛ وعلى ذلك فإن الثقافة تتدخل في شؤون الفرد، وفي بناء المجتمع، وتعالج مشكلة القيادة كما تعالج مشكلة الجماهير. تم بحمد اله تعالى وفضله الجزء الأول، وفي الجزء الثاني سيكون الحديث – إن شاء الله تعالى- عن ثقافة المربي. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المراجع: [2]. قطب، محمد، منهج التربية الإسلامية، بيروت دار الشروق، 1993. ص:180. [3] الغزالي، أبي حامد، أيها الولد، تحقيق علي القره داغي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط4، 2010، ص:128. [4]. انظر: المعجم الوسيط. مادة (رب). [5]. انظر: مفردات ألفاظ القرآن الكريم، الراغب الأصفهاني، مادة (رب). [6]. انظر: لسان العرب، ابن منظور. مادة (ربأ). [7]. انظر: التربية الحضارية عند مالك بن نبي وتطبيقاتها التربوية، حسان حسان، https://almuslimalmuaser.org [8]. انظر: http://al3loom.com [9]. انظر: الأهدل، أصول التربية الحضارية في الإسلام، 2007. [10]. انظر مادة (ثقف)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام هارون. [11]. انظر مادة (ثقف)، محيط المحيط، بطرس البستاني. [12]. انظر مادة (ثقف)، لسان العرب، ابن منظور. والقاموس المحيط، الفيروز أبادي. [13]. انظر مادة (ثقف)، مختار الصحاح، الرازي. [14]. انظر مادة (ثقف)، لسان العرب، ابن منظور. والقاموس المحيط، الفيروز أبادي. [15]. انظر مادة (ثقف)، المعجم الوسيط. [16]. انظر: مفهوم الثقافة وقاموس الخطاب العربي المعاصر، http://www.aljabriabed.net/culture1.htm [17]. انظر: مفهوم الثقافة في الفكر العربي والفكر الغربي، جميلة الشمري، www.alukah.net [18]. الجابري، مرجع سابق. [19]. انظر: مشكلة الثقافة، مالك بن نبي.2000م. ص47. [20]. المرجع السابق، ص77

  • التعلم المعكوس/ المقلوب

    التعلم المعكوس او المقلوب يمثل طريقة أو منهجية تساعد المعلم على إعطاء الأولوية للتعلم النشط خلال وقت الحصة بتخصيص جزء او بعض موضوعات الدرس لدراستها والتمكن منها من خلال الدراسة الذاتية في المنزل او خارج اوقات الحصة الصفية بحيث يتمكن الطلبة منها قبل طرحها وشرحها من قبل المعلم. يعد التعلم المعكوس أحد أكثر التطورات إثارة في الفصول الدراسية الحديثة، ويعتمد على فكرة أن الطلبة يتعلموا بشكل أكثر فاعلية باستخدام وقت الحصة من خلال مجموعات صغيرة وبمتابعة من المعلم. ثم يقوم المعلم بتخصيص جزء او موضوعات محدد من الكتاب المدرسي او المنهاج ليدرسها الطلبة خارج اوقات الحصة الصفية. ويعتمد التعلم المعكوس خلق فرص للمشاركة النشطة للطلبة بعد دراستهم للموضوعات الدراسية في المنزل وعند حضورهم للصف لاحقا. التعلك المعكوس يشير الى نهج تربوي ينتقل فيه التوجيه المباشر من مساحة التعلم الجماعي إلى مساحة التعلم الفردية ، ويتم تحويل مساحة المجموعة الناتجة إلى بيئة تعليمية ديناميكية وتفاعلية حيث يوجه المعلم الطلبة أثناء تطبيق المفاهيم والمشاركة بشكل خلاق في الموضوعات التي يتم شرحها في الحصة الصفية وقد اطلع عليها الطلبة بدقة واستطاعوا فهم جزء كبير من مكوناتها قبل ان يعرضهخا المعلم. يكتسب نهج التعلم المعكوس أو المقلوب قوة دفع كل عام، حيث تشير شبكة التعلم المعكوسة أن ( 78 %) من المعلمين إنهم عكسوا درسًا ما، وبأن ( 96 %) منهم جربوه وبإنهم يوصوا به لغيرهم من المعلمين. يعتبر التعلم المعكوس فرصة لإلهام المعلم لتحديث الأساليب التقليدية وإدخال التكنولوجيا الجديدة في العملية التدريسية بإستخدام الفيديوهات والتسجيلات الرقمية. ويتيح للمعلمين قضاء المزيد من الوقت مع الطلبة المتعثرين مع السماح للمتعلمين الأكثر تقدمًا بحرية العمل والدراسة أثناء وقت الحصة الصفية، لذلك فهو تعليم متباين واسع النطاق ينمي فرصة التعلم الذاتي والاستقلالية لدى الطلبة. وعمليا يتم من خلال مشاهدة وإطلاع الطلبة على المحتوى قبل الحصة الدراسية وبتكليف مسبق من قبل المعلم لهم لليقام بذلك، وهذا يمنحهم الحرية في كيفية التعلم ومتى وأين يتعلموا، وعندما يأتي شرح المعلم للموضوع ذاته الذي اطلع عليه الطلبة بإستخدام وسائل وطرائق تدريس متنوعة من مثل الفيديو أو من خلال العروض التقديمية مع التعليق الصوتي، فإنه يسمح لهم بالتفاعل مع محتوى الحصة الصفية بطريقة تناسبهم بشكل مشوق تسوده المتعه والنشاط، وذلك كون الطلبة على دراية بالمحتوى وبالتالي يمكنهم قضاء وقتهم في التعاون مع معلمهم والطلبة الآخرين لترسيخ فهمهم، إما بشكل فردي أو في مجموعات صغيرة. ذلك أن القليل من الجلوس والاستماع، يعني المزيد من العمل والتعلم. إن نموذج التعلم المعكوس يجعل وقت الفصل الدراسي أكثر متعة وإنتاجية وجاذبية للطلبة وللمعلمين. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المرجع: Lesley University (2021). http://bit.ly/3qV2ssu

  • الآباء والأبناء والتعلم عن البعد

    الدكتور أحمد الشوحة، الأردن يسعى الكثير من الآباء إلى تحقيق أهدافهم وطموحاتهم التي عجزوا عن تحقيقها من خلال أبنائهم، فتراهم – يبذلون قصارى جهدهم لتوفير البيئة التعليمية الآمنة، والإمكانات المادية لتوفير مستلزمات التعلم، والوصول بهم إلى أعلى المستويات العلمية وعلى الرغم من التشوهات التي كانت تشوب النظام التعليمي الوجاهي (داخل الغرف الصفية). إلاَّ أنَّ الآباء كان عندهم شيء من الراحة النفسية تجاه النظام التعليمي، معتقدين أن هناك أفرادًا من الأُسْرة التربوية من يتحملون معهم مسؤولية أبنائهم، ويخافون على مصلحتهم كما الآباء. أما وإننا دخلنا في أسلوب حديث العهد من التعلم (التعلم عن بعد) لأسباب صحيَّة فرضتها جائحة كورونا. فقد أصبح هذا الأسلوب مصدر سعادة لبعض الأبناء بغيابهم عن المدرسة وعدم الالتزام بأوقات الدوام المدرسي، وعدم مواجهة المعلمين الذين بعضهم ومن وجهة نظر بعض الطلبة مصدر إحراج وسبب لمشكلاتهم النفسية، وبالمقابل كان هذا الأسلوب الجديد مصدر إزعاج وإرباك لغالبية الآباء، حينما سادت ثقافة الفوضى واللامبالاة وتدني المستوى التعليمي للأبناء، بالرغم من حصول أبنائهم على العلامات المرتفعة في الامتحانات التي تجرى لهم عبر المنصات التعليمية الإلكترونية، والتي للأسف يشترك في الإجابة عن أسئلتها بعض أفراد الأسرة، والاستعانة بالمختصين من خارج الأسرة إذا اقتضى الأمر ذلك. واجتهدت وزارة التربية والتعليم لضمان سير العملية التعليمية فقامت بإنشاء منصة (درسك) التي تم تغذيتها بآلاف الفيديوهات المصورة لشرح المقررات الدراسية فقط. علمًا بأنها لم تستخدم لإجراء التواصل والتفاعل بين الطلبة والمعلمين، فلا سبيل للحوار والمناقشة وطرح الأسئلة أو الاستفسار عن أي معلومة. ولضمان متابعة الطلبة منصة درسك، ثم التعميم بضرورة رصد حضور وغياب الطلبة. فما كان من غالبية الطلبة إلاَّ أن قاموا بالدخول على هذهِ المنصة لتسجيل الحضور والخروج من المنزل أو الذهاب لللعب أو الطعام أو النوم، أو عملوا على توكيل أحدٍ من أفراد الأسرة ليقوم بهذهِ المهمَّة "الدقيقة والحساسة". إن الواقع يشير الى ان الطلبة ليس لديهم الوعي والقناعة الكافية بأنّ ما يقدم لهم عبر هذه المنصّة هو استكمال لما سبق وضرورة البناء عليه في المراحل القادمة، وأن التعليم للمستقبل ولا يتوقف في مكان أو أي زمان. ومما زاد من معاناة الآباء عدم قدرتهم على متابعةِ دراسة أبنائهم لانشغالهم بأعمالهم ووظائفهم اليومية، ناهيك عن أن بعضهم قد لا يجيد القراءة والكتابة، أو لم يتابع تعليمه الجامعي الذي يؤهله نوعًا ما إلى متابعة أبنائه. مما دفع الكثيرين منهم إلى اللجوء إلى توفير الدروس الخصوصية وخاصة للمواد العلمية، مما زاد من أعباء الأسر المالية، إضافة إلى قلة أجهزة الحاسوب او الهواتف الذكية في البيت مقارنة بعدد الأبناء الطلبة أو عدمها عند بعض الأُسر. فكان ذلك مخرجًا للأبناء للتنصُّل من مسؤوليتهم، وتحميل فشلهم وإخفاقهم في متابعة دروسهم على وزارة التربية والتعليم والآباء. وقد يطرح سؤال مفاده: هل تسعى وزارة التربية والتعليم إلى ترسيخ واتقان مفهوم التعلم الذاتي أو التعليم اللامدرسي. وتتجلى الإجابة بأن تتأكد وزارة التربية والتعليم من سعي الطلبة نحو التعلم الذاتي بأن يمتلك الطلبة مهارات هذا التعلم التي جوهرها اعتماد الطلبة على أنفسهم في متابعة التحصيل العلمي ومتابعة مختلف المصادر التعليمية المتوفرة. وقد يطرح سؤال آخر: هل منصة درسك هي الحل الأوحد والأمثل أمام وزارة التربية والتعليم لاستمرارية التعليم؟ لقد قبل الطلبة واولياء الامور ذلك مع بداية جائحة كورونا المفاجئة ولكن بعد أن امتدت هذه الجائحة لفصول دراسية، فقد آن الوقت للبحث عن وسائل أخرى أكثر نجاعة لاستمرارية التعليم بإستخدام التطبيقات الحديثة والتي أصبحت وسائل هامة للتواصل على مستوى الأفراد والشركات والمؤسسات الكبرى في العالم و تتيح التفاعل بين الطلبة والمعلمين فتنشط لديهم قيم الحوار والمناقشة والتفكير والإبداع. ويشعر الطالب حينها بأنه نوعًا ما في بيئة تعليمية واقعية كما يمكن تسجيل كل لقاء ليتمكن الطلبة من العودة إليه في أي وقت يحتاجونه. بالمحصلة فإن شعار المرحلة القادمة يجب ان يرتكز على أن التعليم للمستقبل و التعليم للجميع و التعليم مسؤولية الجميع ويجب ان تتضافر جهود الجميع من جهات مسؤولة عن التربية والتعليم وأهلية لإنجاح عملية التعلم والتعليم التي عانت الكثير بفعل جائحة الكورونا. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.

  • مظاهر الأزمة الأخلاقية وسبل المواجهة

    الدكتورة رويده زهير العابد، أصول التربية، الأردن الأخلاق والقيم الأخلاقية ثروة وطنية وانسانية لا تنازل عنها مهما تقدمت المجتمعات تقنيا وتكنولوجيا، فهي الموجه والضابط لمسيرة الانسان للمزيد من التقدم والتحضر والابداع في ميادين العلم والمعرفة. فالمجتمعات التي تسودها وتتأصل فيها القيم الأخلاقية تعد مؤشراً على رقي وتحضر هذه المجتمعات. فالقيم وسيلة فعالة لحماية الأفراد من الانحراف بكافة صوره واشكاله، ووسيلة يتم من خلالها توجيه الأفراد للتحلي بالآداب، والعمل المثمر المخلص، واحترام الآخر. وتسهم القيم الأخلاقية في تنشئة الأفراد بالصورةه التي يريدها المجتمع بثقافته وعاداته وتقاليده الاصيلة (الحريري، 2015). والمجتمع العربي كغيره من المجتمعات تعرض إلى تغيرات متلاحقة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، نتيجة لثورة المعلومات، وبالتالي شهد تغير في بنيته الفكرية والثقافية وبروز أزمة القيم الأخلاقية أو ما يسميه علماء الاجتماع بالصراع القيمي بين القيم الأصيلة التي استمدها الفرد بالتعليم من ألأباء وبين القيم الدخيلة من الثقافات الأخرى والتي تتعارض في اغلبها مع القيم الأصيلة في مضمونها، مما ينتج عن هذا التعارض ضياع للفرد وعدم المقدرة على التمييز بين ما هو صائب وما هو خاطئ وبالتالي خلل في المنظومة القيمية الأخلاقية والتناقض بالفكر والقول والسلوك (كشيك وجمل، 2010). إن وجود الأزمة الأخلاقية أمر شائع في ظل التطور التكنولوجي الذي يحمل في جنباته الجانب الإيجابي والسلبي، فعدم وجود رقابة وتوجيه لاستخدام التكنولوجيا بطريقة سليمة وعقلانية وفق ضوابط وحدود أخلاقية ينجم عنه انحدار بالمنظومة القيمية الأخلاقية لدى الناشئة. ومن أبرز العوامل المؤثرة التي تقف خلف ذلك وسائل الإعلام باختلاف صورها، فالبرامج التي تبث عبر المحطات الفضائية تتضمن في طياتها الكثير من السلوكيات والقيم البعيدة عن الهوية الثقافية العربية، بالتالي تؤثر على تنشئة الأجيال وتربيتهم وتزداد الخطورة في تبني الأجيال للقيم المخالفة للهوية والثقافة العربية. كما أن أكثر ما يشكل خطراً على الأطفال هو مضامين البرامج الإعلامية والمسلسلات والأفلام الكرتونية والقصص والكتب التي تبث للناشئة العنف بجميع أشكاله، والتعصب، والعدوان، والقسوة، والكذب، والقتل، وعدم التسامح، والخيانة ( الحريري، 2015). إن عماد نهضة الأمم وتقدمها ورقيها هو التمسك بالاخلاق والفضيلة التي تضبط السلوك وتضع الضوابط وترسم الحدود في العلاقات على نحو يمكن الانسان من العمل والانتاج والعيش بسمو وتهذيب، وهذا ما أكده عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه أحمد، وقوله تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيم "( القلم،4). ومن شأن ذلك تكمن الحلول التربوية لمواجهة الأزمة القيمية الأخلاقية من خلال تعزيز المنظومة القيمية الأخلاقية وحمايتها بممارسات أخلاقية سليمة تنشئ عليها الأجيال الصاعدة بحضور تربوي للاسرة والمدرسة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، وبذلك نصل إلى ممارسة الفضيلة و الأخلاق الرفعية، وهذا يتطلب دور ريادي لهذه لإيجاد شخصية إنسانية متوازنة ، في ضوء مرجعية تربوية واخلاقية توجه الناشئة للتعامل مع المستحدثات التكنولوجية بكل تحضر ورقي وسلوك اخلاقي قويم. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصادر والمراجع: - القران الكريم. - الحريري، رافدة (2015). التربية القيمية. (ط1) عمان: دار المناهج للنشر والتوزيع. - كلو، صباح (2001). تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وانعكاساتها على المؤسسات المعلوماتية، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية، 6(2)، 101-59.

  • الممارسات الأخلاقية في مؤسسات الأعمال

    الدكتورة سعاد ملكاوي يشهد عصرنا نقلة نوعية في بيئات الأعمال والانتاج على نحو غير مسبوق حتى اصبحت رؤوس اموال الكثير من الشركات العالمية او الاقليمية يفوق موازنات دول صناعية متقدمة ومثال ذلك شركة ابل وسامسونج وشركات صناعة السيارات وشركات التجارة الإلكترونية كشركة علي بابا وامازون وذلك نتيجة للنهضة والتقدم التكنولوجي في العمل والانتاج والصناعة، ويصاحب ذلك تعدد وتنوع في المنتجات الاقتصادية. إضافة لظهور لافت لمنظمات الأعمال و الشركاتٍ في بيئات اقتصادية و اجتماعية مفتوحة بشكلٍ مباشر على العالم الخارجي او المجتمع الدولي بما يضمن تحقيق الربح والتنافس ضمن معايير رفيعة المستوى في الجودة وذلك لكل من القطاع العام او الخاص. ونظرا لهذه التطورات في بيئات الأعمال فقد ظهرت الحاجة الماسة لضبط ممارسة الاعمال بمعايير وممارسات وقواعد اخلاقية لضبط ممارسات مؤسسات العمل بصفتها المؤسسية او بصفة من يعمل بها من افراد. لقد أصبح نجاح مؤسسات الأعمال يعتمد على علاقة صاحب العمل بالعاملين داخل المنظمة بحيث يمثل القائد الناجح الذي يعمل مع الفريق لتحقيق المنفعة للمنظمة بمثابة المدير الذي يسعى لأن يكون قدوة في إدارته لفريق العمل، ويسعى لتعزيز الثقة للموظفين وإحساسهم بالانتماء أكثر لمكان العمل ووعي صاحب العمل بالحفاظ على الموظفين وعدم التخلي عنهم وتحقيق الأمان الوظيفي لهم، الى جانب علاقة العاملين مع صاحب العمل بحيث يتوفر لديهم الوعي الكامل بأهمية مكان العمل بالنسبة لهم وبالحرص على تطوير ذاتهم من خلال المنظمة بدون إلحاق الضرر بالمصلحة أوالمنفعة العامة للعمل، وبالتالي نظرة كلاً منهما لأهمية العلاقة التبادلية والتي تضمن تحقيق الربح المادي، وتحقيق السمعة الجيدة للمنظمة وتطبيق" أخلاقيات العمل على مبدأ اجتماعي يركز على كون الفرد مسؤولاً عن العمل الذي يؤديه، وينطلق من إيمان راسخ بأن للعمل قيمة جوهرية يجب احترامها، والإصرار على تنميتها دائماً من خلال الالتزام بقوانين المهنة الوصول للعمل في الوقت المحدد واللازم ، وإنتاج المطلوب منهما من واجبات ومهمات سواءً كانت سهلةً أم صعبة، والتقليل من الشكوى والتذمر ، وكذلك العمل ضمن الظروف الصعبة والحرجة التي تتطلبها أجواء المهنة، وتنفيذ العمل باتقان بحيث يلتزم كل من صاحب العمل والعاملين بتنفيذ ما تتطلبه المنظمة، فتطبيق مبدا أخلاقيات العمل له دور في إنهاء الظلم للموظفين و يؤدي إلى زيادة تحفيزهم وجعلهم أكثر قدرة على العمل بصورة أفضل وبإنتاج مميز . بالرغم من تاكيد قوانين العمل في العالم على حقوق و واجبات العاملين، و أصحاب العمل، وخاصةً فيما يتعلق بعقود العمل وصلاحيتها، والأجور وقرارات إنهاء العقود، وتقديم المخالفين للمحاكمة في حال ثبوت المخالفة، بمعنى آخر تنظيم علاقات العمل إلا أننا نلمس الكثير من التجاوزات الأخلاقية في بيئة العمل، التي نتجت عن ضعف الاهتمام بالأسس، والمعاييرالأخلاقية عند كثير من الشركات والمنظمات الاقتصادية، بسبب الابتعاد عن التفكير بالمحددات، والرموز الأخلاقية، والاهتمام بالربح اوالكسب المالي، والربح السريع بالرغم من الحرص لمعظم المؤسسات و الشركات وتأكيدهاعلى الالتزام بتعزيز القيم الاجتماعية في إطار مجموعة اعلانها بالاتزام بمدونات قواعد السلوك المهني والاخلاقي ، والمواثيق القانونية الوطنية والعالمية والمسؤولية الاجتماعية، إلا ان التطبيق العملي ما زال بعيداً عن الحقيقة والواقع، سواء من طرف صاحب العمل كونه رئيساً للعمل أو مالكاً للمنظمة، فيلجأ إلى صيغة " نفذ الأوامر" فقط ، واحتكار القرارات، وعدم إشراك العاملين بها أوالاطلاع عليها، وعدم الأخذ برأي العاملين بالمؤسسة، ومن جهةٍ أخرى عدم الاهتمام بأسياسيات العمل من قبل العاملين، والاهتمام بالمردود المادي، والحوافز، والمكافآت، والتنافس غير الشريف مع الزملاء داخل المنظمة للحصول على الترقيات وزيادة في الأجر، وفي حال حصوله على الخبرة من منظمة العمل، يلجأ إلى تقديم الاستقالة فوراً دون الأخذ بالإعتبارات الأخلاقية أو الانتماء للمؤسسة التي منحته، العمل، والخبرة، والثقة فيكسر حاجز الثقة بين الطرفين ويؤثر سلباً على إنتاجية المؤسسة والإخلال بعملها. لذلك فإن التركيز على الجودة والنوعية يجب ان يرافقه إستشعار المسؤولية الذاتية، وتطبيق فعلي لأخلاقيات العمل والمهنة من قبل كل من العاملين و المؤسسات تجاه بعضهم البعض وذلك لضمان تميز منظمة العمل وزيادة إنتاجها وديموميتها. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المرجع: الخراز، خالد (2011)، الموسوعة الأخلاقية، مكتبة أهل الاثر ، الكويت.

  • الجمال والتربية الجمالية

    أ‌. د. محمد صايل الزيود، أستاذ قسم القيادة التربوية والأصول، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية "التربية الجمالية فرصة لضبط العلاقات الانسانية وفقا لمعايير إنسانية حضارية تضمن لنا العيش في مجتمع إنساني جوهره أن الإنسان جميل يقدر ويتذوق ويسلك ويتبع كل جميل. إن من يتحلى بتربية جمالية يكون قيمة بذاته حيث الأدب والاحترام والمصداقية والإخلاص والوفاء والتقدير والنزاهة والمودة والرأفة والتسامح والعمل الجاد والعطاء والرغبة في الكمال في العمل والشعور مع الاخر". لعل أبرز ما يبعث على الراحة في النفس ويرتقي بمستوى شعورك بالسعادة ويجعلك في مزاج فرح ويدفعك للسلوك الحضاري الراقي، هو شعورك وتقديرك وتذوقك للجمال والرقة والعذوبة في كل ما تتفاعل معه من مقدرات مادية ومعنوية. فإقبالك وسعيك وتقديرك وتذوقك لأي شئ جميل دليل قاطع على تربيتك الجمالية. إن التربية الجمالية قيمة بذاتها حيث تهذيب النفس وصقل للمشاعر وبناء قيمي للذات وتنشئة اخلاقية تقدس كل قيم بذاته. التربية الجمالية هي ان تنحت العقل والعاطفة الانسانية لأن تتذوق وتشعر بقيمة الجمال وتترجم هذا التذوق والشعور بفعل حضاري إنساني يجعل من صاحبه ايقونه للرقي والتحضر والاحترام والتقدير في عيون من يعاشرهم. وبهذا فإن من يتحلى بتربية جمالية يكون قيمة بذاته حيث الأدب والاحترام والمصداقية والإخلاص والوفاء والتقدير والنزاهة والمودة والرأفة والتسامح والعمل الجاد والعطاء والرغبة في الكمال في العمل والشعور مع الاخر. التربية الجمالية اليوم مطلب في زمن اختلطت به المعايير ولم نعد نقدر لنحكم على الجمال المادي او المعنوي بسهولة، ولم يعد لدينا متسع من الوقت او الاهتمام للإستمتاع بشئ جميل. لذلك فإن اعادة الألق للتربية الجمالية التي جوهرها الشعور الذي يترجم لسلوك حي نعيشه ونحياه من خلال جهد تربوي يخطط له، وينتج لأجله المحتوى الجمالي في كل شأن من شؤؤون الحياة، وينفذه جهات مؤسسية تربوية ومجتمعية لصقل شخصية النشئ لتقدر الجمال وتسلك سلوك جمالي وجميل. التربية الجمالية تعني سفر يهذب النفس والسلوك في التربية والتعليم والعلوم والتاريخ والفنون و الموسيقى والغناء والشعر والأدب والعلاقات الانسانية والعمل والانتاج والإنتماء والوطنية والتحضر وتقبل الاخر والعفو والصفح والتسامح والدقة والإتقان والسمو عن الصغائر والمصداقية والوفاء والانصاف. هذا السفر يحمله من هم أهل له للنشئ والجيل الذي يعاني اليوم من فقدان البوصلة وفقدان التربية الجمالية ومنشغل بالمتعة المادية والألعاب الالكترونية والذاتية والتنمر عبر فضاء الكتروني وهمي يفصله عن عالمه الواقعي حيث العلاقات الانسانية ومؤسسات العمل والتفاعل والتواصل. لذلك فإن من هم أهل لحمل التربية الجمالية ومحتواها بحاجة أن نستثمر بهم من خلال تربيتهم تربية جمالية تواكب العصر وتستند الى إرث حضاري عميق يقدر الجمال ويسمو بالسلوك بعيدا عن الذاتية والأنانية، ولعل خير من نبدأ بتأهيلهم لهذا الغاية السامية والأقرب للنشئ وممن لهم اليد الفضلى في بناء الإنسان هم من المعلمين، عبر برامج للتربية الجمالية تحمل المحتوى الذي نراه قيم وجمالي ليهذب النفس والسلوك، وأن يرافق ذلك حمل لهذه المسؤولية من قبل المؤسسات الإعلامية بكافة صورها واشكالها لتنشر الجمال والتربية الجمالية عبر برامجها، لتصقل فكر وتهذب شعور وتقود لسلوك حضاري جميل لكل من يتابعها بعيدا عن واقع نشاطها الحالي المتمثل بإخبار لا تبعث إلا على اليأس والقلق وتولد الشعور بالإحباط وفقدان الأمل. التربية الجمالية فرصة لضبط العلاقات الانسانية وفقا لمعايير إنسانية حضارية تضمن لنا العيش في مجتمع إنساني جوهره أن الإنسان جميل يقدر ويتذوق ويسلك ويتبع كل شئ جميل. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.

bottom of page