top of page

التعليم الإلكتروني: الفرصة التاريخية لتطوير التعليم الجامعي


الدكتور جمال محمد العريمي ، الأردن يحظى التعليم الجامعي بمكانه كبيرة وإهتمام بالغ بإعتبار أن الجامعات مؤسسات للفكر وبناء الإنسان ومراكز للإبداع والريادة والإبتكار في المجتمعات المعاصرة، و يُقدم التعليم الجامعي تعليماً مُتخصصاً لطلابه في مختلف المجالات يؤهلهم من خلاله لسوق العمل والمساهمة في مختلف ميادين العمل والإنتاج. والتعليم الجامعي المتقدم إهتم بالتقدم التكنولوجي، وبدأنا نسمع عن مصطلحات جديدة مثل المعلم الإلكتروني والمرشد الإفتراضي والمكتبة الإلكترونية، والثقافة الرقمية وغيرها الكثير، ورغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها المجتمع على أثر جائحة كورونا (COVID 19) فإن هدف التعليم الجامعي تجاوز تحصيل المعرفة في حد ذاتها الى اكتساب مهارات التعليم الذاتي والمقدرة على توظيف المعلومات والتقنيات المتطورة في حل المشكلات الحياتية، فأتيح للطلبة التعلم في الصفوف الإفتراضية بدلاً من الصفوف التقليدية وجاءت التربية الرقمية لإدماج الطلبة في العملية التعليمية، وشاع التعلم الإلكتروني الذي ينظر له باعتباره عملية فردية واجتماعية على حد سواء، حيث يتم دعمها بالنقاش والحوار لتُوفر بيئة إلكترونية فعالة يكون فيها المتعلمون قادرون على بناء المعرفة من خلال التواصل ومقدرتهم على الكشف عن هويتهم وشخصيتهم المؤطرة داخل مجتمع التعلم الإستقصائي حتى نصل إلى تعلم إلكتروني ذي جودة عالية. ويتوقع من مؤسسات التعليم العالي أن يكون لها دوراً ريادياً فيما يتعلق بالأخذ بالمزايا والإمكانيات التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهذا يعني ببساطة أن جميع مؤسسات التعليم العالي من جامعات وكليات ومعاهد مطالبة بأن تكيف برامجها، ووسائطها، وطرائق تقويمها بما يتضمن الإفادة المُعمقة من مزايا ثورة المعلومات والاتصالات التي تحيد عوامل الزمان والمكان وتضمن إيصال الخدمة التعليمية بفاعلية. فالتعليم الإلكتروني يستخدم الوسائط الإلكترونية في عملية التعلم والتعليم، بخلاف التعليم التقليدي التي يحدث في حيز محدود، كما يتميز المحتوى العلمي المعروض بواسطة التعليم الإلكتروني بطبيعة ديناميكية مُتجددة بخلاف النصوص الثابتة، وأيضاً يعزز مفهوم التعليم عن بعد، مما يُضفي بعداً جديداً على أساليب التعلم، كما للتعليم الإلكتروني المقدرة على تفريد التعليم ومراعاة الفروق الفردية، وعلى الرغم من التطورات التي حصلت على التعلم الإلكتروني وأنماطه وأساليبه وأدواته، وكونه أحد أركان العملية التعليمية في كل جامعات العالم إلا أنه ما يزال في بداياته في جامعاتنا، ما يحتم علينا دراسة المشكلات والتحديات التي يواجهها طلبتنا في الجامعات وعلى جميع المستويات، وتبني خطط طويلة الأمد مستقبلاً لنتمكن من خلالها حل المشكلات بعد تحديد الأبعاد والأطر الإستراتيجية. فمن الممكن اختصار أهداف التعليم الإلكتروني بأنه يوفر الوقت والجهد والكلفة المالية ويفتح المجال الأوسع للبحث العلمي ويجعل كل شخص منفتح ومطلع على ما يدور حول العالم بسهولة ويسر ومواكبة للتكنولوجيا، وأصبح الأن ضرورة مُلحة وواجب على كل مؤسسة تعليمية أن تفعل التعليم الإلكتروني لتضمن نجاحها واستمراريتها وبقائها في البيئة التنافسية، وتحقيق أهدافها المرجوة، ومن ضمنها مؤسسات التعليم العالي بشرط خلق التوازن وعدم اهمال اللمسة الإنسانية والتواصل البشري، حتى لا نصبح عبارة عن أشخاص انطوائين نتعامل مع أجهزة فقط، وأن يحصل هذا التوازن في البيئة العربية من خلال الدمج بين التعليم الإلكتروني والتعليم الصفي . بالإضافة الى ذلك هناك فرصة لكل شخص بغض النظر عن مكانه ولونه وجنسه، بأن يشارك ويقدم رأيه دون حرج وقلق، سواء كان ذلك صوتياً أو عن طريق التفاعل المباشر الالكتروني، فهذه تُعد إيجابية للأشخاص الذين يعانون من الإرتباك عند الوقوف الشخصي أمام مجموعة من الناس ويتشتتوا من ذلك الموقف، فمن خلال تجربة شخصية بالدورات الألكترونية عن بعد كان هناك من يعطي رأيه وكأنه يتحدث مع نفسه فلا أحد يراه بسبب الغاء تفعيل خاصية اظهار الصورة، وهذه بالنسبة للبعض سبب في خفض التوتر، كما هناك بعض الفيديوهات المسجلة التي تسمح للشخص بأعادتها أكثر من مرة حتى تخرج بصورة لائقة وبدون أخطاء، وهذا ما يسمى بالديموقراطية الإلكترونية والشعور بالمساواة. وعليه فإن الإهتمام بتقدم وتطوير التعليم الجامعي عبارة عن منظومة متكاملة، أحد عناصرها التعليم الإلكتروني المتزامن الذي يحدث بشكل تعاوني بين مجموعة المتعلمين عبر الإنترنت في الوقت نفسه، وغير المتزامن الذي يحدث في أي وقت، وليس بالضرورة في مجموعة ولكن بوجود تغذية راجعة، وخاصة أننا نعيش في عصر التكنولوجيا، فمن المحتم علينا أن نتعامل معه بشكل إيجابي ومفيد، والاستفادة منه بأفضل صورة والسير مع ركب الدول المتقدمة لإتاحة الفرصة أمام الطلبة للوصول إلى المعلومات التي يحتاجونها حتى نُسَّرع عملية البناء المعلوماتي للتعليم. ومن التجارب الواقعية تجربة الجامعة الأردنية التي مررنا بها في بداية ازمة كورونا وإغلاق الجامعات والمدارس، فطبقنا التعليم الإلكتروني من خلال منصة الجامعة الأردنية، والتطبيقات الذكية ومايكروسوفت تيمز، على الرغم من أن التعليم الإلكتروني لا يقتصر على هذه التطبيقات، بل يتجاوز الأمر ذلك إلى توفر أرضية منظمة ومُمنهجة للتعليم الرقمي، وتوفر المواد التعليمية على شكل ملفات وفيديوهات محملة على المنصات، ويستطيع الطالب الدخول والإستفادة منها مع متابعة من اللجان التكنولوجية لمراقبة الأداء والتحديث على المعلومات والصيانة كلما استدعى الأمر ذلك. فقمنا بالتجربة؛ ومما لا شك فيه أنها اضافة لنا معلومات معرفية عديدة سواء كطلبة أو أساتذة، ورفعت لدينا القدرات المهارية في التعامل مع التكنولوجيا، فكانت تجربة مفيدة وإيجابياتها طغت على سلبياتها، وستكون فاتحة خير للفصول القادمة لتفعيل هذا النوع من التعليم (التعليم الإلكتروني)، فمن خلاله نفعل التكنولوجيا التي أصبحت لغة العصر المتسارع والمتطور، وهي الوسيلة لمواكبة هذا التطور والتقدم والإنفتاح على الأخرين، وتفعيل دور المتعلم بأن يُدرب نفسه أكثر، ويستعد للتعلم الذاتي بأن يكون هو المحور في العملية التعليمية وأن يقع على عاتقه مسؤولية البحث عن المعلومة والإستفادة منها، إضافة الى ضرورة الإهتمام في تطوير البنية التحية التكنولوجية وتوفير الإنترنت ووسائل التواصل ودعم المنصات بمحتوى رقمي قيم وحديث مع وجود تدريب وتأهيل لكل من سيستخدم هذا النوع من التعليم حتى نقلل من العقبات ونعمل على تجاوزها بإذن الله. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.




٣ مشاهدات

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page