top of page

امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة الأردني : الواقع والمأمول

أ‌. مها الخطيب، مديرة مدارس الحكمة الخاصة، الأردن. لا زالت الأردن في مصاف الدول التي تعتمد امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة المعيار الوحيد للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، ولقد شهدنا تغييرات كثيرة على آلية عقد هذا الامتحان في السنوات الأخيرة، فمن نظام السنة الواحدة إلى نظام الفصلين إلى نظام الأربعة فصول (الحزم) ثم العودة إلى نظام السنة الواحدة مرة أخرى، والسبب في ذلك أنه لا توجد سياسة تربوية ثابتة لتطبيق هذا الامتحان فمع تغير كل وزير للتربية والتعليم نشهد قرارات جديدة وآلية جديدة تختلف عن سابقتها باختلاف الوزير. ومع كثرة تغير الوزارات تتغير القرارات والنتيجة توتر لكل من الطلبة والمعلمين وإدارات المدارس الثانوية. لقد تم عقد هذا الامتحان في السنوات الماضية بما يتناسب مع أساليب التدريس القائمة على المحاضرة والتلقين، ولم يقس -أبدًا- مهارات الطالب وميوله واتجاهاته، حيث يتم عادة تكييف كل جهود المدرسة ومعلميها لتمرير الطلبة عبر الامتحان، فلا حوار ولا بحث، ولا نقد، ولا إبداع، والمعدل الذي يحصل عليه الطالب هو معيار تفوقه، فالطالب الذي يحظى بمعدل عالٍ يُنظر إليه على أنه متفوق على أقرانه وشديد الذكاء، ومَنْ يحصل على معدل أدنى فيعد من الطلاب الأقل ذكاءً، وهذا غير صحيح بمفهوم التربية الحديثة؛ فكل فرد يتمتع بنوع من الذكاء تبعاً لنظرية الذكاءات المتعددة، ولكن الأفراد يختلفون في الميول والاتجاهات. وإذا نظرنا بعين المتفحص للتغييرات التي حدثت وما زالت تحدث، وإلى نتائج الطلبة (خاصة في هذا العام ) نجد أننا أمام مفترق طرق، إما أن يتم إلغاء هذا الامتحان بالكامل واعتماد سياسة معينة ومدروسة لقبول الطلبة في الجامعات تتماشى مع ميولهم وقدراتهم ومهاراتهم، وإما أن يتم تطوير هذا الامتحان بطريقة تواكب التطورات المعرفية والتكنولوجية وتحقق العدالة بين الطلبة. وقد اقترح الطراونة ( 2015 ) نموذجاً لتطوير هذا الامتحان بعد عرضه لنماذج من امتحانات الدول المتقدمة، حيث أشارإلى أن الحاجة لإعادة النظر في امتحان 'التوجيهي' وتطويره تعود إلى 'عدم' قيامه بوظيفته كامتحان لتشخيص نواحي الضعف والقوة في إعداد الطالب بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية ووظيفته كاختبار للقبول في مؤسسات التعليم العالي.واستعرض الطراونة مضمون التصور المقترح مشيراً إلى أن الحصول على الشهادة الثانوية العامة يتطلب أن ينجح الطالب في جميع الأوراق الامتحانية الخاصة بنتاجات التعلم المشتركة والمتخصصة، بحيث يكون عدد الأوراق التي يتقدم بها الطالب للامتحان تسع أوراق منها أربع في نتاجات التعلم المشتركة وخمس في نتاجات التعلم التخصصية لكل فرع. ويتميز النموذج المقترح- وفقاً للطراونة- بخضوع الطالب إلى امتحان عام للاستعدادات والقدرات العقلية والأكاديمية ومهارات التفكير وإنتاج المعرفة، من أجل القبول في مؤسسات التعليم العالي والوقوف على مستوى تحقق نتاجات التعلم التي تمثل التعلم نحو اقتصاد المعرفة. إن المتمعن في الإجراءات التي قامت بها الوزارة مؤخراً والتي ينظر إليها على أنها تطوير لامتحان الثانوية العامة، يجد أنها تنحصر في البعد الكمي بعيداً عن البعد النوعي؛ لذا فإننا نأمل أن تصل وزارة التربية والتعليم إلى الجودة الشاملة في العناصر والجوانب المتعلقة بهذا الامتحان والتي تفرضها المستجدات والضرورات الحتمية، سيرًا بخطوات جادة نحو الأفكار التربوية الحديثة بحيث تلبي طموحات التعليم والمجتمع، بعيدًا عن نقل الأفكار والتجارب التي لا تتوافق مع مجتمعنا ومتطلباته، خاصة في ظل الظروف الراهنة الحرجة بسبب جائحة كورونا حيث أن الضبابية تحيط بهذا الامتحان المصيري، إذ جاءت كثير من قرارات وزارة التربية في وقت متأخر الدورة المنصرمة ( صيفية 2019/2020 ) ولا زالت الأمور غير واضحة بالنسبة للدورة القادمة ( صيفية 2020/2021 ). والسؤال الذي يطرح نفسه إلى متى؟؟ إلى متى سيبقى هذا الامتحان يؤرق طلبتنا ويهدد مستقبلهم ويقض مضجع ذويهم؟؟ إلى متى سيبقى هو المقياس الوحيد الذي يمكّن الطالب من الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي وقد لا يكون هذا الامتحان قد طُبّق بعدالة وشفافية، فالجميع يعلم بأن هناك تجاوزات تحدث في قاعات الامتحانات؛ ما يؤدي إلى عدم وجود مصداقية في النتائج، وقتل لكثير من طموح أبنائنا الطلبة وتحطيم آمالهم. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.



٥ مشاهدات

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page