top of page

نتائج البحث

 

تم العثور على 151 عنصر لـ ""

  • صحة الأطفال خلال فترة المراهقة!

    تعتبر فترة المراهقة من الفترات العمرية الحساسة والحرجة نظرا لمرافقتها للعديد من التغييرات الجسدية والانفعالية والاجتماعية والعقلية والنفسية. خلال هذه الفترة، يرى المراهق (الذكور) أكبر قدر من النمو في الطول والوزن. و قد ينمو المراهق عدة بوصات في عدة أشهر تليها فترة من النمو البطيء للغاية. ثم قد يكون لديهم طفرة نمو أخرى. و قد تحدث التغييرات مع سن البلوغ ببطء. أو قد تحدث عدة تغييرات في نفس الوقت. من المهم أن نتذكر أن هذه التغييرات تحدث بشكل مختلف لكل مراهق. وقد يعاني بعض المراهقين من علامات النضج هذه عاجلاً أم آجلاً أكثر من غيرهم. وأن تكون أصغر أو أكبر من الأولاد الآخرين أمر طبيعي. يمر كل طفل بمرحلة البلوغ وفقًا لسرعة نموه الخاصة. وابرز التغييرات التي ستحدث خلال فترة البلوغ تتمثل بالنضج الجنسي والجسدي الذي يحدث خلال فترة البلوغ نتيجة لتغيرات هرمونية. و يصعب على الأولاد معرفة موعد البلوغ بالضبط. وهناك تغييرات تحدث، لكنها تحدث ببطء على مدار فترة زمنية طويلة. و هناك مراحل معينة من التطور يمر بها الأولاد عند تطوير خصائص جنسية ثانوية، ويكون التغيير الأول في سن البلوغ هو تضخم كيس الصفن والخصيتين في هذه المرحلة، و لا يكبر القضيب مع استمرار نمو الخصيتين وكيس الصفن، وينمو القضيب، و ينتج عن النمو الأول لشعر العانة شعرًا طويلًا وناعمًا يكون في منطقة صغيرة فقط حول الأعضاء التناسلية، وثم يصبح هذا الشعر أغمق وأكثر خشونة مع استمرار انتشاره، و يبدو شعر العانة في النهاية مثل شعر الكبار، ولكن في منطقة أصغر، و قد ينتشر إلى الفخذين وأحيانًا يصل إلى المعدة. و قد تحدث التغييرات من حيث إزدياد حجم الجسم، و في بعض الأحيان قد تنمو الأقدام والذراعين والساقين واليدين بشكل أسرع من بقية الجسم وقد يتسبب هذا في شعور المراهق بالخجل. و قد يصاب بعض الأولاد ببعض التورم في منطقة الثدي نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تحدث. وهذا شائع بين الأولاد المراهقين وغالبًا ما يكون حالة قصيرة الأجل أو مؤقتة. و قد تحدث تغييرات في الصوت، حيث يصبح الصوت أعمق، وفي بعض الأحيان "خشن" خلال هذا الوقت. هذه حالة مؤقتة وستتحسن بمرور الوقت. و يبدأ الشعر في النمو في منطقة الأعضاء التناسلية، ويكون لدى الأولاد أيضًا نمو شعر على وجوههم وتحت أذرعهم وعلى أرجلهم. و مع زيادة هرمونات البلوغ، قد يكون لدى المراهقين زيادة في البشرة الدهنية والتعرق، وهذا جزء طبيعي من النمو. من المهم الغسل يوميًا، بما في ذلك الوجه. و قد يتطور حب الشباب، و يحدث تضخم القضيب، و يبدأ الصبي المراهق في الانتصاب. هذا عندما يصبح القضيب صلبًا ومنتصبًا لأنه مليء بالدم مما يسبب التغيرات الهرمونية وقد يحدث عندما يتخيل الصبي الأشياء الجنسية، أو قد يحدث بدون سبب على الإطلاق، و هذا امر طبيعي. و خلال فترة البلوغ ، يبدأ جسم الصبي أيضًا في تكوين الحيوانات المنوية ، ويمكن إطلاق السائل المنوي، الذي يتكون من الحيوانات المنوية وسوائل الجسم الأخرى، أثناء الانتصاب، و وهذا ما يسمى القذف، وقد يحدث هذا أحيانًا أثناء نوم المراهق. وهذا ما يسمى بالحلم الرطب (انبعاث ليلي). هذا جزء طبيعي من سن البلوغ. وبمجرد تكوين الحيوانات المنوية والقذف، يمكن للأولاد المراهقين الذين يمارسون الجنس حمل شخص ما. ويرافق فترة المراهقة العديد من التغييرات، ليس فقط جسديًا ، ولكن أيضًا عقليًا واجتماعيًا. خلال هذه السنوات ، يزيد المراهقون من قدرتهم على التفكير المجرد وفي النهاية وضع الخطط وتحديد الأهداف طويلة الأجل. وقد يتقدم كل طفل بمعدلات مختلفة ، ويظهر وجهة نظر مختلفة للعالم. بشكل عام، ومن ابرز القدرات التي قد نراها في المراهق تنمية القدرة على التفكير المجرد، و يهتم بالفلسفة والسياسة والقضايا الاجتماعية، والتفكير على المدى الطويل، و يضع اهداف، ومقارنة نفسه بأقرانه، و علاقات المراهق مع الآخرين و يبدأ المراهق في النضال من أجل الاستقلال والسيطرة، كما قد تحدث العديد من المشكلات خلال هذه السنوات منها أنه يريد الاستقلال عن الوالدين، وتأثير الأقران وقبولهم مهم جدًا، وتصبح علاقات الأقران مهمة للغاية، وقد يكون في حالة حب، وقد يكون لديه التزامات طويلة الأمد في العلاقات. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • مخاطر زواج الأطفال: يهدد زواج الأطفال حياة ورفاهية ومستقبل الفتيات في جميع أنحاء العالم!!

    يشير زواج الأطفال إلى الزواج الرسمي أو غير رسمي بين طفلة دون سن 18 عامًا وشخص بالغ أو طفل آخر. وقد انخفض انتشار زواج الأطفال في جميع أنحاء العالم، من واحدة من كل أربع فتيات متزوجات قبل عقد من الزمان إلى ما يقرب من واحدة من كل خمس فتيات اليوم،ولا تزال هذه الممارسة شائعة رغم مخاطرها. وتسعى أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة إلى اتخاذ إجراءات عالمية لإنهاء هذا الانتهاك لحقوق الإنسان. إن عدم تسريع الجهود، سيؤدي بأكثر من 120 مليون فتاة بالزواج قبل بلوغهن الثامنة عشرة بحلول عام 2030. وغالبًا ما يكون زواج الأطفال نتيجة لعدم المساواة المتأصلة بين الجنسين، مما يجعل الفتيات يتأثرن بشكل غير متناسب بهذه الممارسة، وعلى الصعيد العالمي، يبلغ انتشار زواج الأطفال بين الأولاد سدس مثيله بين الفتيات. ويحرم زواج الأطفال الفتيات من طفولتهن ويهدد حياتهن وصحتهن. ذلك أن الفتيات اللاواتي يتزوجن قبل سن 18 يكن أكثر عرضة للعنف الأسري ويقل احتمال بقائهن في المدرسة، ويعشن ظروف اقتصادية وصحية أسوأ من أقرانهن غير المتزوجات، والتي تنتقل في النهاية إلى أطفالهن، مما يزيد من إجهاد قدرة البلد على تقديم خدمات صحية وتعليمية ذات جودة. غالبًا ما يحملن الطفلات العرائس خلال فترة المراهقة، عندما يزداد خطر حدوث مضاعفات أثناء الحمل والولادة - بالنسبة لهن ولأطفالهن. يمكن لهذه الممارسة أيضًا عزل الفتيات عن العائلة والأصدقاء واستبعادهن من المشاركة في مجتمعاتهن، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في سلامتهن الجسدية والنفسية. نظرًا لأن زواج الأطفال يؤثر على صحة الفتاة ومستقبلها وأسرتها ، فإنه يفرض تكاليف اقتصادية كبيرة على المستوى الوطني أيضًا ، مع آثار كبيرة على التنمية والازدهار. تتطلب معالجة زواج الأطفال الاعتراف بالعوامل التي تقف خلفه، في حين أن جذور هذه الممارسة تختلف باختلاف البلدان والثقافات، إلا أن الفقر ونقص الفرص التعليمية ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية تسببها، حيث تقوم بعض العائلات بتزويج بناتها لتخفيف العبء الاقتصادي أو كسب الدخل، قد يكون ذلك بسبب الاعتقاد بأ، الزواج سيؤمن مستقبل بناتهم أو يحميهم. كما أن القواعد والصور النمطية حول أدوار الجنسين وسن الزواج ، وكذلك المخاطر الاجتماعية والاقتصادية للحمل خارج الزواج ، تكون من الاسباب لهذه الظاهرة الخطرة. وتعمل منظمة اليونيسف مع الدول و المنظمات الأهلية لتحديد ومعالجة هذه الظاهرة وما يرتبط بها من عومل تؤثر على الصحة الإنجابية والمساواة بين الجنسين. وقد أطلقت اليونيسف بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان البرنامج العالمي لإنهاء زواج الأطفال، من أجل تمكين الفتيات الصغيرات المعرضات لخطر الزواج أو المرتبطات بالفعل، ووصل البرنامج إلى أكثر من 7.9 مليون فتاة مراهقة من خلال التدريب على المهارات الحياتية ودعم الحضور إلى المدرسة خلال مرحلته الأولى (2016-2019). و شارك ما يقرب من 40 مليون شخص في حملات الحوار والتواصل لدعم الفتيات المراهقات، أو جهود أخرى لإنهاء زواج الأطفال. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • هل من علاج لعُسر القراءة؟

    يمثل عسر القراءة صعوبة تعلم شائعة يمكن أن تسبب مشاكل في القراءة والكتابة والهجاء. وتعتبر صعوبة تعلم محددة، مما يعني أنها تسبب مشاكل في بعض القدرات المستخدمة في التعلم، مثل القراءة والكتابة. عسر القراءة مشكلة تستمر مدى الحياة ويمكن أن تمثل تحديات على أساس يومي، ولكن الدعم الذي يتاح لتحسين مهارات القراءة والكتابة ومساعدة أولئك الذين يعانوا من هذه المشكلة على النجاح في المدرسة والعمل. عسر القراءة على عكس صعوبات التعلم. لعسر القراءة علامات تظهر علامات عادةً عندما يبدأ الطفل المدرسة ويبدأ في التركيز أكثر على تعلم القراءة والكتابة وابرزها: - يقرأ ويكتب ببطء شديد - يخلط بين ترتيب الحروف في الكلمات - يضع الأحرف في الاتجاه الخاطئ (مثل كتابة "ب" بدلاً من "د") - كتابة الإملاء ضعيف أو غير متسق - يفهم المعلومات عندما يتم إخبارها له شفهيًا، ولكن يواجه صعوبة في المعلومات التي يتم تدوينها - يجد صعوبة في تنفيذ سلسلة من الاتجاهات - المعاناة في التخطيط والتنظيم ورغم ذلك، غالبًا ما يتمتع من لدية عسر القراءة بمهارات جيدة في مجالات أخرى، مثل التفكير الإبداعي وحل المشكلات. و يجد الأشخاص الذين لديهم إصابة بعُسر القراءة صعوبة في التعرف على الأصوات المختلفة التي تتكون منها الكلمات وربطها بالأحرف. و لا يرتبط عُسر القراءة بالمستوى العام للذكاء لدى الشخص المصاب. يمكن أن يتأثر الأطفال والكبار من جميع القدرات الذهنية بعُسر القراءة. السبب الدقيق لعُسر القراءة غير معروف ، ولكن غالبًا ما يظهر في العائلات لأسباب وراثية حيث يُعتقد أن بعض الجينات الموروثة من الوالدين قد تعمل معًا بطريقة تؤثر على كيفية تطور بعض أجزاء الدماغ خلال الحياة المبكرة. و إذا كان الطفل يعاني من عسر القراءة، فربما يحتاج إلى دعم تعليمي إضافي من مدرسته. و لا يوجد عادة سبب يمنع الطفل من الذهاب إلى مدرسة عادية، على الرغم من أن عددًا قليلاً من الأطفال قد يستفيدوا من الالتحاق بمدرسة متخصصة. أما أساليب الدعم التي قد تساعد الطفل فتتضمن: - التدريس من حين لآخر أو الدروس في مجموعة صغيرة مع مدرس متخصص. - الصوتيات (أسلوب تعليمي خاص يركز على تحسين القدرة على تحديد ومعالجة الأصوات الأصغر التي تتكون منها الكلمات) - التكنولوجيا مثل أجهزة الكمبيوتر وبرامج التعرف على الكلام التي قد تسهل على الطفل القراءة والكتابة عندما يكبر قليلاً - يوجد في بعض الجامعات أيضًا فرق عمل متخصصة يمكنها دعم الأطفال الذين يعانوا من عسر القراءة في التعليم العالي. - ويمكن أن تقدم التكنولوجيا الحل من مثل معالجات الكلمات. - وأن يُطلب من أصحاب العمل إجراء تعديلات معقولة على مكان العمل لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة ، مثل إتاحة وقت إضافي لمهام معينة. ويجب على الأسرة التي تلاحظ عسر قراءة على طفلها التحدث إلى معلمه أو منسق الاحتياجات التعليمية الخاصة بمدرسته، لتقديم تقديم دعم إضافي لمساعدة الطفل و طلب تقييم أمثر دقة من مدرس متخصص في عسر القراءة أو اختصاصي علم النفس التربوي، و يمكن ترتيب ذلك من خلال المدرسة او من خلال المراكز الخاصة ومن كليات التربية في الجامعات. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر:

  • الجامعات وتحدي التطرف الفكري

    الدكتورة روان محمود محمد العقيلي، أصول تربية، الأردن أصبح موضوع التطرف، لاسيما في الوقت الحاضر، الشغل الشاغل لكثير من المفكرين، والحكومات، والمؤسسات التربوية، والمجتمعات، خاصة بعد أن ثبتت علاقته الوطيدة بانتشار الإرهاب على نطاق واسع في كثير من الدول، الأمر الذي أستدعى البحث عن جذوره وأسبابه، وأبعاده المختلفة. وقد شرعت معظم الدول في استحداث خطط واستراتيجيات لمكافحة التطرف والإرهاب، ووضعت برامج، واتفاقيات إقليمية، ومعاهدات دولية لمواجهته. ويعد مفهوم التطرف من المفاهيم التي يصعب تحديدها، أو إطلاق تعميمات بشأنها، نظراً لما يشير إليه المعنى اللغوي للتطرف من تجاوز لحد الاعتدال، وحد الاعتدال نسبي يختلف من مجتمع لآخر، وفقاً لنسق القيم السائدة في كل مجتمع، فما يعتبره مجتمع ما سلوكاً متطرفاً، قد يكون سلوكاً مألوفاً في مجتمع آخر. فالاعتدال والتطرف مرهونان بالمتغيرات البيئية والثقافية والدينية والسياسية التي يمر بها المجتمع. كما يتفاوت حد الاعتدال والتطرف من زمن إلى آخر، فما يعد تطرفا في الماضي ربما لا يكون كذلك في الوقت الحاضر، ومع ذلك فقد تمكن المهتمون في هذا المجال من التوصل لعدد من التعريفات لمفهوم التطرف. عَرف مجمع اللغة العربية التطرف بأنه: من الفعل طرف الشيء أي جعله طرفاً (البرعي، 2002)، وفي لسان العرب: التطرف من طرف العين والطرف هو إطباق الجفن على الجفن، أما اصطلاحا فهو الغلو في عقيدة أو فكر أو مذهب أو غيره، مما يختص به دين أو جماعة أو حزب (الصاوي، 1996). والتطرف حديثاً هو مصطلح يشير إلى فرد أو جماعة اعتنقت فكراً أو مذهباً أو سلوكاً ما، على نحو يخالف ما أجمع عليه المجتمع (الحربي، 2011). وقد يتحول التطرف من مجرد فكر إلى سلوك ظاهري أو عمل سياسي، فيلجأ المتطرف عادة إلى استخدام العنف كوسيلة لتحقيق المبادىء التي يؤمن بها، أو اللجوء إلى الإرهاب النفسي أو المادي أو الفكري ضد كل ما يقف عقبة في طريق تحقيق المبادىء والأفكار التي ينادي بها هذا الفكر المتطرف ( الجراد، 2006). وينظر للتطرف على أنه المبالغة في التمسك بجملة من الأفكار قد تكون: سياسية، أو دينية، أو عقائدية، أو اقتصادية، تشعر مَن يعتنقها بامتلاك الحقيقة المطلقة، مما يخلق فجوة بينه وبين النسيج الاجتماعي الذي يعيش فيه وينتمي إليه، الأمر الذي يؤدي إلى غربته عن ذاته وعن الجماعة (البرعي، 2002). وللتطرف أنواع عدة منها التطرف الديني والذي من خلاله يعبر الشخص عن آرائه بحجج وأدلة دينية، ويستخدم في ذلك ما يحلو له من آيات، وعقائد دينية بتفسيرات تساير فكره وآرائه. وهناك ما يعرف بالتطرف السياسي والاجتماعي، ويقصد به شعور فرد أو جماعة ما بالعداء والتمرد والرفض والاغتراب تجاه المجتمع بمؤسساته المختلفة (الحربي، 2011)؛ وكما يرتبط مفهوم التطرف ببعض المفاهيم التي يصعب فصلها عنه، أو الحديث عن التطرف دون التطرق إليها، فهي تعد مرادفات لمصطلح التطرف مثل الإرهاب والتعصب والتشدد والغلو والعنف. ولا شك أن انتشار الأفكار المتطرفة يعبر عن أزمة قيمية في المجتمعات العربية، إذ يعد التطرف الفكري من أهم وأخطر المشكلات التي تواجه المجتمع، والتطرف الفكري مصطلح حديث نسبياً لقي اهتماما واسعاً، كما أنه يختلف باختلاف توجهات المجتمع، في معتقداته، وقيمه، وأسلوب حياته (الخرجي، 2010)، وهو ظاهرة تندرج تحت فرض المذاهب والعقائد، وليست ظاهرة جديدة في المجتمع البشري، ولا تختلف هذه الظاهرة عن غسل الدماغ في الوقت الحاضر، سوى أن هذه العملية تتم الآن بوسائل أكثر تجريبية وتقصداً، أي أن تلك الوسائل والفنون بقدر ما كانت تجريبية وعفوية، أصبحت الآن بفضل العلوم النفسية، ذات تقنية منسقة مخططة وعرضه للتطوير المستمر (نسيم، 2014). والتطرف الفكري يتمثل في الخروج على عادات المجتمع وقيمه (Arthur,2015)، وهو الغلو، والمبالغة، ونبذ الآخر، ورفض الحوار، والتصلب، وهي ظاهرة متعددة الأبعاد، لها تأثيراتها على السلوك الفردي والجماعي، كما تؤثر في علاقة المتطرف بالمجتمع وأسلوب التعامل مع الآخر (Chawla, 2015)، ويعد التطرف الفكري حالة مرضية، تصيب صاحبها بداء الاكتئاب والانفصام والانطواء على الذات، وتزين له الانعزال عن الجماعة، وينتابه شعور النقص الذي يولد الحقد والكراهية للغير أفراداً وجماعات ومجتمعات، أو شعور التعالي بظنه أنه على صواب، وأن غيره مخطئ أو على ضلال، ويغذي التطرف الفكري في نفس صاحبه الجهل المركب، حيث لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، بل يعتبر نفسه مالكاً للحقيقة في المطلق، وغيره جاهلاً بها، ومجانباً للصواب في المطلق (أكاديمية المملكة المغربية، 2004). ويبلغ التطرف الفكري الحد الأقصى عندما يتبنى الفرد فرضية المنهج الواحد، وتصبح شخصيته تتصف بسمات الشخصية المتطرفة، ومن أهمها الجمود المذهبي، أي عدم قبول الآخر، وعدم قبول التغيير، ومقاومة المرونة، والحيلولة دون التطور، كما توصف بالتعصب، حيث أن أصحاب هذه الصفة يكونون أكثر تطرفاً من غيرهم (نسيم، 2014). ومن سمات الشخصية المتطرفة المغالاة في إتباع الجماعة التي ينتمون إليها، وقبول أفكارها، ومواقفها دون إخضاعها للنقد والتمحيص، ويعود السبب في هذه المغالاة إلى تفشي الجهل والفقر، ووجود قصور في أدوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة (Borum, 2014). ومن أهم أسباب التطرف الفكري المفاهيم الدينية الخاطئة، والتعصب العقدي والتطرف الديني، والفراغ الفكري، والتشدد والغلو في الدين، وتفشي المنكرات والكبائر،والعوامل الاجتماعية والتربوية، وانفتاح المجتمع غير المخطط مع غياب القيم، وانتشار البطالة، وتأخر سن الزواج، وعدم وجود مجالات مناسبة لامتصاص طاقات الطلبة، والهجرة من الريف إلى المدينة وانتشار الأحياء العشوائية الفقيرة، وأزمة التعليم ومؤسساته، والعوامل السياسية والاقتصادية، والاعتماد على أسلوب الحل الأمني فقط، والوصول بصاحب الفكر الخاطئ إلى حافة اليأس، وغياب العدالة الاجتماعية، وتضييق دائرة الشورى والديمقراطية أو انعدامها، وسياسات الهيمنة الأجنبية (اليوسف، 2006). وفي ضوء انتشار العولمة أصبح غرس القيم، والوقاية من التطرف الفكري من أهم أدوار المؤسسات التربوية (Halea, 2012) من خلال استخدام هذه المؤسسات التربوية لأسس وآليات فعالة ناضجة لتعزيز القيم، وحماية الموروث الفكري للأمة، وحفظ خصوصيتها من أي تشويه، أو طمس لمعالم هويتها الحضارية، وتعزيز قيم المجتمع وثقافته، بحيث يمتلك ثقافة إنسانية واعية قادرة على التعامل مع التغير السريع، ويمتلك نظرة كافية ورؤية ناقدة ، لذا لا بد من ضرورة إسهام التعليم في محاربة الإرهاب والتطرف الفكري، باعتباره مصدر قلق للشعوب، ومن الضروري لقطاع التعليم الرسمي أيضا التقدم في عملية مكافحة الإرهاب من خلال المناهج الدراسية في جميع المراحل التعليمية، من خلال تعليم النشء مهارات حل المشكلات وتدريبهم عليها بشكل عملي، بالإضافة إلى ضرورة تنمية شخصية الطالب في جميع مراحله الدراسية، والمساهمة في بناء الثقة بالنفس واتخاذ القرار المناسب، وترسيخ مفهوم التعددية الثقافية والتسامح والعدالة كأداة للوقوف في وجه الإرهاب والتطرف على نحوٍ لا يضعف ولا يلين ( 2008 Lynn& Davies)، ومن أهم هذه المؤسسات الجامعة، إذ تؤدي دورا مهما في الوقاية من مظاهر التطرف الفكري؛ بوصفها صورة من صور المجتمع، فهي انعكاس لذلك المجتمع بمشكلاته وتناقضاته، فالجامعة لها الدور الأبرز في بث روح الاستنارة وإعمال العقل، وغرس القيم الأخلاقية، وتكريس مفهوم نسبية المعرفة، وتغيرها وتبدلها كل لحظة من الزمن، وهذا الدور التأصيلي للجامعة هو المنوط به تقليص العنف والتطرف ( البرعي، 2002)، لذا تتطلب عملية الوقاية من مظاهر التطرف الفكري اتخاذ خطوات عملية وقائية تتمثل بالحفاظ على مخزون أذهان الناشئة من الثقافات والقيم المبادئ الأخلاقية التي يتلقونها من مجتمعهم، لذلك يناط بالمؤسسات التربوية بمراحلها المختلفة أدوار مهمة لوقايتهم من التطرف الفكري (Ovwata, 2000). ومن أهم هذه المؤسسات التربوية الجامعات، والتي تعد من أهم مؤسسات المجتمع التي تعنى بتدريب الطلبة وتأهيلهم لسوق العمل، كما أن الجامعات ممثلة ببرامجها ذات أثر كبير في توجيه سلوكيات الطلبة، لذا يمكن أن تؤدي الجامعات دوراً كبيراً في الوقاية من مظاهر التطرف الفكري لدى الطلبة، بالترغيب في دراسة علوم الشريعة الغراء، وتحفيز الناشئة على الالتحاق بكليات الشريعة، لفهم الإسلام ومبادئه بصورتها الصحيحة، ونقل تعاليمه وقيمه للمجتمع الكبير (حنفي، 2005). ومن أهم ادوار الجامعات الوقاية من مظاهر التطرف الفكري، واستثمار الوسائل الإعلامية الحديثة وبخاصة المواقع الإلكترونية في نشر الوعي الاجتماعي والسياسي، وتعريف الطلبة على مستوى المجتمع بمخاطر الجماعات المتطرفة، والأخطار المترتبة على الانضمام إليها، وتعريف الطلبة بأهداف الجماعات المتطرفة وآلياتهم التي يستخدمونها في أقناع الطلبة (Woo& Lax man, 2013 ). لذا على الجامعات أن تقوم بدورها التثقيفي المتمثل بتوضيح مفاهيم الحرية الشخصية، وتعريف الطلبة بمخاطر التعصب، والتشدد والعنف، وآثارها على المجتمع، وتعزيز ثقافة الحوار، وتعميق الوعي السياسي لديهم، إلى جانب تبني الجامعات عقد البرامج والندوات والمحاضرات، وإصدار المنشورات، بغرض التوعية الدينية الشاملة، والتوعية بمظاهر التطرف الفكري، ومخاطره على الأفراد والمجتمع (Mahmood&Sajid,2012 )، كما تعد الجامعة عقل الأمة، ومركز التفكير في حاضرها ومستقبلها، كما أنها تمثل معيار مجد الأمة ودليل شخصيتها الثقافية، والحصن المنيع لتراثها الحضاري والإنساني، لما يتوافر لديها من كوادر مؤهلة قادرة على التعامل مع المشكلات والتحديات التي تمر بها المجتمعات المعاصرة. ولذا فإن مستوى الجامعة يتأثر بأساتذتها لا بمبانيها، فالجامعة تنهض بفكر أعضاء هيئة التدريس فيها وبعلمهم وخبرتهم قبل أي شيء آخر، وسمعة الجامعة من سمعة أسرتها الأكاديمية، لذا تأخذ الجامعة مكان الصدارة في المجتمع، فهي مركز إشعاع لكل جديد من الفكر والمعرفة والاختراعات، والمنبر الذي تنطلق منه آراء المفكرين والفلاسفة ورواد الإصلاح والتطور (بني فياض، 2008 ). لذا يتعين 'علينا مواجهة الانحراف الفكري والتطرف والإرهاب، من خلال إستراتيجية تبحث عن الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة وسبل مواجهتها وسبل الوقاية منها، خاصة لإعداد جيل المستقبل. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • التعليم عبر وسائل التواصل الإجتماعي!

    الدكتورة جهاد محمد نجيب السيد، أصول تربية، الأردن شهدت بدايات القرن الحادي والعشرين الكثير من التطورات والتغيرات السريعة والمذهلة، وخصوصاً في مجال الاتصالات، حيث ساهمت الثورة المعلوماتية والتكنولوجية بما تملكه من وسائط وتقنيات حديثة ومتطورة في تقريب المسافات، وتسهيل عملية التواصل بين الأفراد في العالم أجمع، مما جعل العالم الكبير عبارة عن شاشة صغيرة ينتقل الفرد من خلالها إلى عالم افتراضي يحوي الكثير من المثيرات والمعلومات خصوصاً بعد كثافة انتشار تقنية الهواتف الذكية بين الأفراد. ويعتبر التواصل من الضرورات الأساسية في الحياة للتفاعل مع الآخرين ونقل الأفكار والمفاهيم من المرسل إلى المستقبل، فعلى الصعيد الاجتماعي تكمن أهمية التواصل في بناء العلاقات بين الأفراد، أما على الصعيد التربوي فيعد التواصل من الضرورات الحتمية لعملية نقل الأفكار والمعلومات وتبادلها بين جميع الأطراف والعناصر المشاركة في العملية التعليمية التعلمية من خلال استخدام كافة طرق التواصل سواء الشفهية منها أم الكتابية أم وسائل التواصل الإلكترونية التي أثبتت مقدرتها وفعاليتها في تسهيل عملية التواصل لخدمة العملية التعليمية التعلمية والوصول إلى الأهداف المنشودة للمؤسسات التعليمية ( إبراهيم، 2014). ومع كثافة انتشار الشبكة العنكبوتية (الانترنت) بدأ العالم المعاصر يعتمد و بصورةٍ تدريجية على التواصل الالكتروني من خلال الشبكات الاجتماعية الرقمية ومشتقاتها كالفيسبوك(Facebook)، وتويتر(Twitter)،ويوتيوب ( (YouTube، وغيرها من الشبكات الاجتماعية ( غيطاس، 2011). حيث تعد هذه الشبكات الاجتماعية من أحدث وأهم مفرزات الثورة المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات، وأقوى أدوات الجيل الثاني من التعلم الالكتروني، وأكثرها شعبية وانتشاراً في كافة المجتمعات (العمودي، 2009). وتشير شبكات التواصل الاجتماعي إلى مجتمعات افتراضية تمكن الأفراد من التواصل مع بعضهم البعض بحيث توفر الإمكانية لتبادل الصور والفيديو والتسجيلات والمعلومات والمواد المختلفة عن طريق المواقع الالكترونية المختلفة (السواعير، 2014)، وهي كذلك مجموعة من المواقع المتوفرة على شبكة الويب، يتم من خلالها التواصل بين مجموعة من الأشخاص يتشاركون بالميول والاهتمامات نفسها ( الزهراني، 2013). وهي عبارة عن تطبيقات اجتماعية أنشئت لتسهيل التواصل بين الأفراد مهما بعدت المسافات المكانية أو الزمانية بينهم، حيث يمكنهم من خلالها التعبير عن مشاعرهم و تبادل الأفكار والآراء فيما بينهم، كما تمكنهم من المشاركة في الصور والفيديو مع الأصدقاء، وتسمح لهم بإجراء الدردشة الصوتية، أو الكتابية، أو المرئية؛ وذلك بعد القيام بعملية تسجيل حساب خاص للمستخدم، وبهذا فإن وسائل التواصل الاجتماعي فتحت آفاقاً جديدة وواسعة للتواصل مع الآخرين والتعبير عن الذات بحرية تامة، حيث جعلت العالم عبارة عن غرفة صغيرة في متناول الجميع لتسيطر بذلك على جميع نواحي النشاط البشري. ويرجع ظهور مفهوم الشبكات الاجتماعية إلى عالِم الاجتماع جون بارنز "John A. Barnes" في عام (1954) حيث كان التواصل يتم من خلال استخدام الرسائل المكتوبة عبر نوادٍ للمراسلة العالمية بحيث تعمل على توثيق العلاقات بين الأفراد من مختلف دول العالم ( الدبيسي والطاهات، 2013). وفي السبعينيات من القرن الماضي ظهرت بعض الوسائل الإلكترونية الاجتماعية البدائية مثل قوائم البريد الالكتروني و نظام لوحة البيانات أو الإعلانات " Bulletin Board Systems" حيث سهلت عملية التواصل والتفاعل الاجتماعي، وأدت إلى تطوير علاقات الأفراد مع الآخرين ( زين العابدين، 2014 ). وقد ظهرت شبكات التواصل الاجتماعي بشكلها الجديد عام (1995) على يد راندي كونراد "Randy Conrad" الذي صمم أول موقع الكتروني افتراضي في العالم ليسهل عملية التواصل بينه وبين أصدقائه وزملائه في الدراسة حيث سمي هذا الموقع بـ "كلاس ميتس" Classmates.com" "، وفي عام (1997) ظهر موقع سكس وجريس "Sixdegrees.com" الذي سمح للمشتركين بإنشاء ملفات التعريف والاتصال مع الأصدقاء من مستخدمي الانترنت، وفي بداية العام (1998) من القرن الماضي أصبح هذا الموقع الأول الذي يسمح للمشتركين بتصفح قوائم الأصدقاء، ولكن في عام (2000) أغلق هذا الموقع لأنه لم يحقق الربح المادي لمالكيه (حسانين، 2013). وفي الفترة ما بين ( 1997 - 2000) ظهرت بعض المواقع التي سمحت بإنشاء ملفات تعريف شخصية واختيار للأصدقاء دون شرط الحصول على الموافقة منهم ومن أهم هذه المواقع بلاك بلانت وآسين أفينيو و ماي جينت (Black Plante, Asian Avenue & Mi Gente)، أما في عام (2001) فقد أطلق موقع رايز دوت كوم Ryze.com"" الذي أنشئ لمساعدة رجال الأعمال والمستثمرين بالتواصل مع الآخرين لتسهيل معاملاتهم التجارية، وفي عام (2002) أطلق موقع فرينديستر Friendster"" والذي صمم لمساعدة الأصدقاء على التواصل مع بعضهم البعض (Boyd & Ellison, 2007)؛ وبإطلاق هذا الموقع بدأت مرحلة الميلاد الفعلي لشبكات التواصل الاجتماعي بسبب ظهور تطبيقات الويب (2 )(Web 2.0) والتي سمحت بتطوير المجتمعات الافتراضية وزادت من قدرة وسرعة الأفراد على التفاعل والاندماج والتعاون مع بعضهم البعض ( إبراهيم، 2014). ومع انتشار تطبيقات الويب ( 2) (Web 2.0) بدأت الكثير من المواقع الاجتماعية بالانتشار على الصعيدين المهني وغير المهني حيث ظهرت الشبكة المهنية لينكدان Linkedin" " (Liu, 2007). و خلال الفترة ما بين (2002 و2004) بلغت شعبية شبكات التواصل الاجتماعي الرقمية عبر العالم ذروتها بسبب ظهور موقع ماي سبيس "My space" عام (2003)، وهو موقع أمريكي مشهور يقدم معلومات تفصيلية عن الملفات الشخصية كما يسمح للمستخدمين من عرض الشرائح ومشغلات الصوت والصورة ( يونس، 2015)، وفي عام (2004) ظهر موقع فيس بوك " Facebook" على يد "مارك زوكربيرج" ( Mark Zuckerberg) حيث كان ميلاد هذا الموقع من أهم الأحداث على الصعيد العالمي بسبب ما ناله هذا الموقع من شعبية كبيرة بين الناس خصوصاً بعد انفتاحه على الأفراد خارج الولايات المتحدة ( إبراهيم، 2014)، وقد أتيح هذا الموقع للأعمار التي تزيد عن ثلاثة عشر عاماً ( ابو صعيليك، 2012). وفي الخامس من فبراير من عام (2005) انطلق موقع مشاركة الفيديو الأول على الصعيد العالمي الذي سمي بـ اليوتيوب "You Tube" وذلك على يد تشاد هيرلي (Chad Hurley) ، و"ستيف تشين" ( Steve Chen) ، و"جواد كريم" ( Jawed Karim ) ، حيث أتاح هذا الموقع إمكانية إضافة مقاطع الفيديوهات للموقع، كما أصبح بالإمكان إرسال الفيديوهات على المدونات الشخصية والمنتديات، كما أتاح الفرصة لعرضها على أشهر الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك وماي سبيس وغيرها من المواقع، وفي أوائل عام (2006) ظهر موقع " تويتر " (Twitter) على يد "جاك دورزي "( Jack Dorsey) ، و "بيز ستون "( Biz Stone ) ، و " ايفان ويليامز "(Evan William) وهو عبارة عن شبكة اجتماعية وخدمة للتدوين المصغر بحيث يسمح لمستخدميها بإرسال تدوينات مصغرة لا تتجاوز (140) حرفاً ( حمودة، 2013). ومع ظهور الجيل الثالث للهواتف الذكية مثل الأيفون والسامسونج فقد ظهرت شبكات اجتماعية جديدة مثل الواتس آب "WhatsApp" التي تأسست عام (2009) من قبل الأمريكي "بريان أكتون" (Brin Acton)، والأوكراني " جان كوم " (Jane Com) بحيث أتاحت هذه الشبكة إمكانية إجراء المحادثات والدردشات الفردية أو الجماعية مع الأشخاص الذين يمتلكون هواتف ذكية وتطبيق برنامج "الواتس اب" ومتصلين بالانترنت، وذلك من خلال إرسال الرسائل المسموعة أو المكتوبة، بالإضافة إلى إرسال الصور والفيديوهات والوسائط، ويتميز الواتس اب بسرعة إرسال واستلام الرسائل المكتوبة والصوتية، بالإضافة إلى إمكانية معرفة آخر ظهور لجهات الاتصال الخاصة مع إمكانية الحظر للأشخاص المزعجين ( يونس، 2015)، وفي عام (2010) ظهرت شبكة انستجرام Instagram"" التي تأسست على يد المطور التقني "كيفن سيستورم" ( Kevin Systtrom )وقد أتاحت هذه الشبكة للمستخدم إمكانية التقاط الصور وإجراء التعديلات الرقمية والفلاتر عليها حسب الرغبة ومن ثم مشاركتها مع الأصدقاء ( النوري، 2014). وقد انتشرت مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة بشكل كبير ومازال انتشارها مستمرأً بين جميع الفئات والأعمار وفي كل المجتمعات رغم اختلاف الجنس والدين واللغة والثقافة، ويتوقع في المستقبل ظهور العديد من شبكات التواصل الاجتماعي وتطورها أكثر، ولكن من الملاحظ أن أكثر وسائل التواصل الاجتماعي انتشاراً واستخداماً بين الناس في الوقت الحالي هي شبكة فيسبوك وواتس آب وتويتر واليوتيوب وانستغرام وذلك بسبب ما تقدمه من خدمات سريعة ومميزة في التواصل والتفاعل بين الأفراد المشتركين بها. وتعد وسائل التواصل الاجتماعي أداة فعالة على الصعيدين الاجتماعي والتعليمي ولها تأثير ايجابي كبير في كافة المجالات والقطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا سيما في مجال التعليم بحيث برز توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية من أجل تحسين المخرجات (الغملاس والقميزي، 2016)؛ إذ من الممكن استخدام هذه الوسائل في التعليم باعتبارها طريقة مبتكرة تؤدي إلى زيادة جودة العملية التعليمية وتساعد في تعزيز معرفة الطلبة Singh, 2016) & Siddiqui)، بالإضافة إلى مساهمتها في إصلاح المجالين التربوي والتعليمي وتطويرهما وذلك بإضفاء طابع التجديد والإبداع على عملية التعلم والتعليم من خلال دمج مواقع التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية ( الجهني، 2013). إن ميزة هذه المواقع تكمن في قدرتها الفائقة على نقل وإدارة وتبادل المعلومات والبيانات وجمعها ومشاركتها بين المستخدمين؛ لذلك احتلت مكانة مهمة في جميع الدول ( أبو شريعة، 2013)، فهي أداة جيدة لزيادة التفاعل بين المعلم والطلبة وبين الطلبة أنفسهم لإكمال مهامهم وتجاربهم، كما أنها تساعد على إيجاد حالة من الارتياح والانسجام بين المعلمين والطلبة، بالإضافة إلى ذلك فإنها تقدم مصادر محسنة للمعلومات عبر الأجهزة النقالة والهواتف الذكية(Dan Doa, 2013). وتعتبر شبكات التواصل الاجتماعي من الوسائل المهمة التي يمكن أن تدعم طرق التعليم مثل التعلم التعاوني والتعلم القائم على حل المشكلات والتعلم المنعكس ( المقلوب)، كما أنها تعزز الثقافة التشاركية بين الطلبة من خلال الحوار فيما بينهم حيث تسهم في ربط وتطوير مجتمع وبيئة التعلم وتسهل عملية تبادل الخبرات في إطاره (Minocha, 2009)، ويمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤدي إلى تمكين الفرد من خلال قدرتها على توفير بيئات تعلمية تسمح بإيجاد طرق جديدة للتعلم النشط (Brick, 2012). وقد تسهم تلك الوسائل في حل مشكلة نقص الإمكانات المعملية والوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم بالمدارس عن طريق استخدام المعامل الافتراضية وبرامج المحاكاة الحاسوبية، كما أنها تتيح للمتعلم الفرصة للتفكير والتعبير عن آرائه وأفكاره بحرية، وزيادة على ذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تتيح فرصة للتعلم الذاتي مما يساهم في الحد والتقليل من ظاهرة الدروس الخصوصية ( حسانين، 2013). ومما لاشك فيه أن مواقع التواصل الاجتماعي تمتلك الكثير من الإيجابيات والمحاسن العظيمة؛ إلاّ أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تحمل في طياتها الكثير من السلبيات أيضاً مثل إمكانية بث مواد غير لائقة وغير متوافقة مع الشريعة الإسلامية والثقافة العربية، وإمكانية تكوين علاقات وهمية وخيالية مع الجنس الآخر، ولكنها ذات أهمية كبيرة إذا ما استخدمت ضمن الحدود الشرعية المتوافقة مع الثقافة والهوية العربية، حيث أنها تعمل على توسيع نطاق الدائرة الاجتماعية، وتسهل عملية التواصل مع الآخرين، كما أنها يمكن أن تسهم في تدريب الطلبة على مهارات القرن الحادي والعشرين والمهارات الحياتية، وتزيد من الثقافة العامة لديهم ويمكن أن تزودهم بالقدرة على حل المشكلات التي تواجههم، وبشكلٍ عام فإن وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر من أهم آليات التواصل وتبادل الآراء والأفكار والقيم بين جميع الأفراد خاصةً الشباب وطلبة المدارس حيث أنها تمثل بيئةً خصبة لنشر ثقافة الشعوب بجوانبها المادية وغير المادية، ومع كثافة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خُلقت الكثير من المخاوف من تأثيراتها السلبية على أهم شرائح المجتمع ألا وهي شريحة طلبة المدارس الذين يعتبرون عماد التطور والتقدم في جميع المجتمعات؛ لذا يتوجب على المعلمين البدء بالتفكير بجدية بإيجاد طرق جديدة وحديثة ومواكبة للتطور التكنولوجي والتقني وذلك بإيجاد أسلوب تعلم فعال ونشط من خلال دمج وسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية التعلمية. وقد بينت نتائج الاستبيان الإقليمي الذي أجري على الانترنت عام (2014) في (22) بلداً عربياً أن هناك آراء ايجابية حول دمج وسائل التواصل الاجتماعي في التعليم مع ضرورة الوعي بسلبيات هذه الوسائل، حيث كشفت النتائج أن هناك اتفاقاً كبيراً بين المجيبين من أفراد عينة الدراسة المكونة من المعلمين والطلبة وأولياء الأمور على أهمية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التعليم؛ إذ أنها تؤثر تأثيراً ايجابياً على أداء الطلبة وجودة المدرسين وتشجع على تقاسم المعارف والمهارات كما تعزز كفاءات الطلبة وتساهم في إشراك الطلبة وأولياء الأمور والمدرسين بصورة جماعية ( مرتضى وسالم والشاعر، 2014). وبناءً على ما ذكر فإن على الجميع الإقرار بأن التكنولوجيا والتقنيات الحديثة ومن أهمها وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، وأنها باتت تؤثر على الأفراد سلباً أو إيجاباً؛ لذا لا بد من استثمار هذه التقنية غير التقليدية في إيجاد تعليم متطور ومتكامل، حيث بات من الضروري على المعلمين تغيير وتطوير أدوارهم التقليدية، والبدء باستثمار كافة الجوانب الايجابية للتقنيات الحديثة لخدمة العملية التعليمية التعلمية والعمل على التقليل من آثارها السلبية على الطلبة من خلال التوعية والتوجيه والإرشاد الدائمين. وفي ظل التغيرات والتطورات القائمة في هذا العصر الرقمي لا بد من الإشارة إلى الأدوار الجديدة للمعلم التي جعلته داعماً ومرشداً لطرق التعلم المختلفة وفق حاجات المتعلمين وخصائصهم الفكرية والنفسية والإبداعية ( العمودي، 2009) خاصةً وأن احتياجات الطلبة التعليمية متغيرة باستمرار بناءً على أدوارهم المستقبلية، وهذا يتطلب من المعلم تغيير دوره التقليدي ليصبح ميسراً لعملية التعلم في البيئات التي تدمج فيها التقنية في العملية التعليمية، (Malhiwsky, 2010) . ونظراً لأهمية وسائل التواصل الاجتماعي وجاذبيتها والإقبال المتزايد عليها من قبل فئة الشباب وطلبة المدارس فإنه لا بد من تطوير عملية التعلم والتعليم ومواكبة التطور في العصر الرقمي على نحو يوظفها في العملية التربوية والتعليمية من خلال التخطيط الدقيق والسليم لتأسيس شبكة الكترونية متكاملة يستطيع المعلم من خلالها أن يمارس أدواره الجديدة بكل فاعلية، وذلك بتفعيله للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة في تعلم الطلبة؛ لذا أصبح من الضروري دمج التكنولوجيا الجديدة في بيئة التعلم الرسمية، وتحديد أدوار دقيقة للمعلمين وتمكينهم من الاستفادة القصوى للإمكانات الكامنة لتلك الشبكات لتوسيع تعلم الطلبة، وذلك لأن درجة اهتمام الطلبة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عملية التعلم والتعليم مرتبطة نوعاً ما بنشاط المعلم ومدى اهتمامه وتفعيله لوسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية (أبو صعيليلك، 2012). ومن هنا تظهر حاجةً ضروريةً لبناء وتطوير المنظومة التربوية والتعليمية بهدف إيجاد بيئة تربوية آمنة وجاذبة تحاكي واقع الحياة المعاصرة، وتسعى لتحقيق التعلم الذاتي المستمر مدى الحياة (العمودي، 2009)؛ لذلك بات من الضروري تبني دور جديد نحو تصميم التعليم واستخدام استراتيجيات وأساليب جديدةً لتقديم المحتوى والتي تدعم الأنشطة التعليمية التزامنية وغير التزامنية، وهذا يتطلب تطوير المعلمين من أدوارهم بحيث يتبنون كافة الأدوات التكنولوجية الجديدة، والشبكات الاجتماعية والعمل على توظيفها وربطها في خبرات المتعلمين خاصةً وأنها تعتبر من أهم الوسائل الجاذبة للطلبة في العصر الرقمي (عبد اللطيف، 2012). ومن جهةٍ أخرى لا بد من الإقرار بالتغيير الحاصل في خصائص الطلبة أنفسهم والتنبه إلى أن طلبة هذا الجيل أصبح لديهم توقعات مختلفة عن التعلم والتعليم؛ إذ أن التعلم بالطرق التقليدية سيصبح أكثر صعوبة مع هذه الأجيال الجديدة للحصول على تعلم فعال لذلك لا بد لمزيد من المرونة من خلال استخدام وسائط بديلة للتعليم، وبالتالي فإنه يجب على المعلمين إعادة التفكير في الاستراتيجيات التربوية الحالية وتغيير نظرتهم نحو التكنولوجيا من خلال دمج التعلم المتنقل وتسخير وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة العملية التعليمية؛ إذ تعتبر وسيلة جيدة لتلبية احتياجات الطلبة في الجامعات والمدارس في العصر الرقمي (Pollara, 2011). وخلاصة القول فإن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في البيئة التعليمية أصبح ضرورياً في القرن الحادي والعشرين لتحقيق النجاح في الحياة والعمل والدراسة، لذلك لا بد من الجميع سواء معلمين أم طلبة امتلاك القدرة على تطبيق هذه التكنولوجيا بشكل فعال والعمل على استخدامها كأداة للبحث، والتنظيم، والتقييم، بالإضافة إلى إتقان مهارات القرن الحادي والعشرين المتمثلة في القدرة على التفكير الناقد والإبداعي، والقدرة على التعلم الذاتي والمستمر مدى الحياة، وبما أن هذه المهارات ضرورية جداً للحصول على النجاح فهناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المعلمين لتأهيل الطلبة لمواجهة تحديات هذا القرن وتدريبهم على المهارات اللازمة لمواجهة هذه التحديات والعمل على تطوير العملية التعليمية التعلمية بما يتناسب مع تطورات العصر، وذلك من خلال دمج التقنيات الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي في بيئة التعلم وتفعيلها كأدوات تعليمية غير تقليدية لتهيئتهم لمواجهة المستقبل. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • ما هي عمالة الأطفال الخطرة؟

    تشير عمالة الأطفال الى العمل الذي يحرم الأطفال من طفولتهم ومن إمكاناتهم وكرامتهم، ويضر بنموهم البدني والعقلي. كما أنه العمل الذي يعتبر ضارًا عقليًا أو جسديًا أو اجتماعيًا أو أخلاقيًا للأطفال، و يتعارض مع تعليمهم من خلال حرمانهم من فرصة الذهاب إلى المدرسة؛ ويجبرهم على ترك المدرسة قبل الأوان؛ أو يؤدي بهم للجمع بين الحضور إلى المدرسة والعمل الشاق المفرط. و تتضمن أسوأ أشكال عمل الأطفال استعباد الأطفال، وفصلهم عن عائلاتهم، وتعرضهم لمخاطر وأمراض خطيرة و تركهم لتدبير أمورهم بأنفسهم في شوارع المدن الكبرى- غالبًا في سن مبكرة جدًا. ويعتمد ما إذا كان يمكن تسمية أشكال معينة من "عمل" "عمالة الأطفال" أم لا على عمر الطفل ونوع وساعات العمل المؤدى والظروف التي يتم إجراؤها في ظلها والأهداف التي تسعى الدول الفردية إلى تحقيقها. تختلف الإجابة من بلد إلى آخر، وكذلك بين القطاعات داخل البلدان. وتوصف عمالة الأطفال بالخطرة كونها تسبب ضرر وبها مخاطرة بإحتمالية حدوث ضرر محتمل من هذا الخطر. على سبيل المثال، قد يكون الخطر المرتبط بالآلات التي تعمل بالطاقة هو الوقوع في شرك أو تشابك الأجزاء المتحركة. ستكون المخاطرعالية إذا لم يتم توفير حماية وكان العمال على مقربة من آلالات ومع ذلك، إذا تم توفير حماية على آلالات بشكل صحيح، وصيانتها وإصلاحها بانتظام من قبل فنيين أكفاء ، فستكون المخاطر أقل. وتشير عمالة الأطفال الخطرة في المادة الثالثة من اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الحظر والإجراءات الفورية للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال لسنة 1999 (رقم 182) بالعمل الذي من شأنه، بحكم طبيعته أو الظروف التي يؤدى فيها، أن يضر بصحة الأطفال أو سلامتهم أو أخلاقهم. وبشكل أكثر تحديدًا، فإن عمالة الأطفال الخطرة هي العمل في ظروف خطرة أو غير صحية يمكن أن تؤدي إلى مقتل الطفل أو جرحه أو إصابته بالمرض نتيجة لسوء معايير السلامة والصحة وترتيبات العمل. ويمكن أن يؤدي العمل إلى إعاقة دائمة واعتلال الصحة والضرر النفسي. في كثير من الأحيان، قد لا تظهر المشاكل الصحية الناتجة عن الانخراط في عمالة الأطفال أو تظهر حتى يصبح الطفل بالغًا. وتعتبر عمالة الأطفال الخطرة أكبر فئة من أسوأ أشكال عمل الأطفال حيث يعمل ما يقدر بنحو 73 مليون طفل، تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عامًا، في ظروف خطرة في مجموعة واسعة من القطاعات ، بما في ذلك الزراعة والتعدين والبناء والتصنيع، وكذلك في الفنادق والحانات والمطاعم والأسواق والخدمات المنزلية و توجد في كل من البلدان الصناعية والنامية. غالبًا ما يبدأ الفتيان والفتيات في القيام بأعمال خطرة في سن مبكرة جدًا. و في جميع أنحاء العالم، تقدر منظمة العمل الدولية أن حوالي 22000 طفل يموتوا في العمل كل عام، ولا يُعرف عدد المصابين أو المرضي بسبب عملهم. نظرًا لأن أجسادهم وعقولهم لا تزال تتطور، فإن الأطفال أكثر عرضة من البالغين للمخاطر في مكان العمل، وغالبًا ما تكون عواقب الأعمال الخطرة أكثر تدميراً واستمرارية بالنسبة لهم. و عند الحديث عن عمالة الأطفال، من المهم تجاوز مفاهيم مخاطر ومخاطر العمل، كما هي مطبقة على العمال البالغين وتوسيعها لتشمل الجوانب التنموية للطفولة. نظرًا لأن الأطفال لا يزالوا ينمو، فإن لديهم خصائص واحتياجات خاصة، وعند تحديد مخاطر مكان العمل والمخاطر، يجب أخذ تأثيرها على نمو الأطفال الجسدي والمعرفي (الفكر / التعلم) والسلوك والنمو العاطفي في الاعتبار. في الدول العربية، يشكل الأطفال والشباب نصف عدد السكان البالغ 280 مليون نسمة. ويقدر أن 13.4 مليون، أو حوالي 15 في المائة، من جميع الأطفال في المنطقة العربية هم من الأطفال العاملين. وقد يكون المستوى الحقيقي لعمالة الأطفال أعلى من ذلك بكثير، مع ذلك ، بسبب هيمنة عمل الأطفال في القطاع غير الرسمي، وهو أمر يصعب قياسه. وبأن عمالة الأطفال في القطاع الحضري غير الرسمي، والزراعة الموسمية، والعمل في الشوارع، والعمالة المنزلية. كما أن عدم المساواة بين الجنسين تؤثر على التحاق الفتيات بالمدارس وبالتالي تزيد من عمالة الفتيات من الأطفال. و يجب عدم تصنيف جميع الأعمال التي يقوم بها الأطفال على أنها عمالة أطفال يجب القضاء عليها. وذلك كون مشاركة الأطفال أو المراهقين في العمل الذي لا يؤثر على صحتهم وتطورهم الشخصي أو يتعارض مع تعليمهم المدرسي أمرًا إيجابيًا بشكل عام. وهذا يشمل أنشطة مثل مساعدة والديهم حول المنزل، أو المساعدة في الأعمال التجارية العائلية أو كسب مصروف الجيب خارج ساعات الدراسة وأثناء العطلات المدرسية. وتساهم هذه الأنواع من الأنشطة في نمو الأطفال ورفاهية أسرهم؛ ويزودهم بالمهارات والخبرة ، ويساعدهم في إعدادهم ليكونوا أعضاء منتجين في مجتمعاتهم. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • التربية على حقوق الإنسان

    الدكتورة ميرفت صالح أبو صلاح، أصول تربية، الأردن للتربية والتعليم دور أساسي في تغيير عقول الأفراد وتصرفاتهم، لهذا لا يمكن التغاضي عن أهمية دور التعليم في عمومه ودوره الخاص في مجال التربية على حقوق الإنسان، ولن تكون حماية وضمان الحقوق فعلية، إن لم يطالب الأفراد بها بطريقة ملحة وواقعية ، ولا يمكن الدفاع عنها أو استخدامها، إن لم يعرفها الأفراد ويتوصلوا للوسائل الكفيلة بصونها واحترامها، فالتربية على حقوق الإنسان مساهمة أساسية في الحماية المستمرة من أي انتهاكات لحقوق الإنسان ، واستثمار مهم صوب إقامة مجتمع يحظى فيه الأفراد بالاحترام وحفظ الكرامة والحريات. لقد تم إعلان التربية على حقوق الإنسان كضرورة حتمية لتعزيز وتحقيق علاقات مستقرة ومنسجمة بين المجتمعات المحلية ولترسيخ التفاهم المتبادل والتسامح والسلام، وذلك العام 1993، ضمن فعاليات المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، وفي عام 1994، تبنت الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة، خطة عشرية للتربية على حقوق الإنسان من عام 1995-2004، وحثّت الأعضاء على تعزيز التدريب ونشر ثقافة حقوقية عالمية ( www. hrinfo. org). وبناء على هذه التوصيات والمستحدثات التي حصلت فقد خرجت منظمات وهيئات معنية بحقوق الإنسان بالعديد من التعريفات التي تضمنت جوهر وماهية التربية على حقوق الإنسان، ومن هذه التعريفات، تعريف ميثاق مجلس أوروبا عام 2010 للتربية على المواطنة الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي رأى أنها تربية ترتبط بالتدريب ونشر الوعي والمعلومات والممارسات والأنشطة التي تهدف إلى تمكين المتعلمين من المساهمة في بناء ثقافة عالمية لحقوق الإنسان في المجتمع وتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، عن طريق دعم المتعلمين بالمهارات والمعارف والاتجاهات (2010،CM/Rec). وتعرفها منظمة العفو الدولية بأنها عملية تعرف الناس إلى حقوقهم وحقوق الآخرين ضمن إطار تعلم تشاركي وتفاعلي ( منظمة العفو الدولية، 2004). بينما يشير مركز آسيا والمحيط الهادي الإقليمي لها، من منظور العلاقة بين حقوق الإنسان وحياة الناس العاملين في التربية على حقوق الإنسان، ويقول أنها عملية تشاركية تحوي مجموعة من الأنشطة التعليمية المصممة بغرض إيصال المعلومات وتعميق المعرفة بحقوق الإنسان، وترسيخ القيم والمهارات كمحتوى يستهدف الأفراد (www.hrinfo. org). ويعرّفها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بأنها التربية والتدريب والمعلومات التي تهدف بناء ثقافة عالمية لحقوق الإنسان، فالتربية الشاملة لحقوق الإنسان لا تسعى لتقديم المعرفة حول حقوق الإنسان وبيان أساليب حمايتها وضمانها وحسب، بل وتعمل على تمرير المهارات اللازمة لتعزيز والدفاع عن حقوق الإنسان وتطبيقها في الحياة، وتعزيز المواقف والسلوكيات اللازمة لدعم حقوق الإنسان لجميع الأفراد (منظمة الامم المتحدة ،2005 ). أما الحركة الشعبية لتعلّم حقوق الإنسان، تفضّل تعلّم حقوق الإنسان على التربية على هذه الحقوق، وتركز بشكل كبيرعلى حقوق الإنسان كأسلوب حياة، ويقصدون بالتعلم أن تُستمدّ التربية على هذه الحقوق من العملية الفردية لاكتشاف حقوق الإنسان، وأن يتم تطبيقها في الحياة اليومية للأفراد ( www. hrinfo. org). إن التربية على حقوق وقيم ومبادئ حقوق الإنسان تمثل مشروع تربوي لتمكين الناس من الإحاطة بالمعارف الأساسية اللازمة لجعلهم يرفضون أشكال القمع والعبودية والظلم والاضطهاد، وتعزيز شعورهم بالمسؤولية تجاه حقوقهم وحقوق غيرهم ، مع مراعاة المصلحة الفردية دون مساس بالمصالح العامة، وتقوم على تعرف المتعلمين من خلالها على حقوقهم وحقوق الآخرين ضمن إطار من التعلم الذي يقوم على المشاركة والتفاعل المتبادل، والتركيز على تغيير المواقف والسلوك وتعلم مهارات جديدة وتعزيز تبادل المعارف والخبرات. فهي عملية طويلة الأجل ، تهدف إلى إيجاد فهم عميق بحقوق الإنسان وقضاياها، وإكساب الأشخاص المهارات للتعبير عن حقوقهم ونقل هذه المعرفة إلى الآخرين (الأمم المتحدة، 1989) ، وتسعى للإلمام بجوانب مهمة، تكون جوهرها وتقوم عليها أسسها ، من مثل الاعتراف بشمولية وتكامل حقوق الإنسان وأنها غير قابلة للتجزئة ، والاهتمام بزيادة ثقافة حقوق الإنسان واستيعابها، وتمكين الأشخاص من المطالبة بحقوقهم قانونيا وإنسانيا، وتسهيل استخدام المواثيق والآليات القانونية للأفراد، من باب تسهيل حماية حقوقهم، واستخدام منهجية التفاعل والمشاركة لتكوين مواقف أساسها احترام حقوق الآخر، وتطويرالمهارات اللازمة للدفاع عن حقوق الإنسان ودمجها في الحياة، وإيجاد مجال للحوار والتغيير، وتشجيع الاحترام والتسامح (www.unrwa.org). إذا هي ليست تربية معرفية فحسب، بل هي تربية قيمية، تهتم بالجانب المعرفي وتتوجه في مقاصدها النهائية إلى السلوك، فيكون المحتوى المعرفي مدخلا أساسيا للمرور إلى قناعات الفرد وسلوكياته، ولا تكتفي بحشد الذهن بمعلومات حول الكرامة والحرية والمساواة والاختلاف، بل تركز على ضرورة ممارسة المتعلم لحقوقه، وايمانه بها وجدانيا، واعترافه بها واحترامه لها كمبدأ من المبادئ السامية، فهي ليست تربية معارف للتعلم وحسب، بل تربية قيم للحياة، الهدف منها لا أن يتعلم الطلبة حقوق الإنسان نظريا، وإنما ممارستها في تعليمهم حتى تكون لها أكبر فائدة عملية في حياتهم (الحريري، 2006). إن هذه الدعوات والتوجهات التي تدعو لتعزيز حقوق الإنسان من داخل العملية التعليمية، وفي إطار الممارسة التربوية، اتجاهات لا تقصد تعليم معارف وتصورات حول حقوق الإنسان للأطفال والمتعلمين، بقدر ما تسعى لتأسيس القيم التي ترتبط بالحقوق ، ونشر ثقافة واقعية لها ، ثقافة مضمونها القيم والبنى الذهنية والسلوكيات والمواقف، والتراث الثقافي والتقاليد التي تتناغم مع مبادئ حقوق الإنسان، فتضحي الثقافة عملية متواصلة وشاملة تعم الحياة بكافة أشكالها ومناحيها، وشاملة لأوجه الممارسات الشخصية والمهنية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وهدفها تآزر المعرفة والممارسة، وغرس الإحساس بالكرامة والمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية، مما سينتج مجتمعا روابطه الاحترام المتبادل والمساعدة الجماعية والتأقلم مع المصالح العامة، والقبول بالعمل مع الآخر، للتوصل لصياغات مناسبة ومتجددة تحقق توازن المصالح والعمل المشترك ، بلا حاجة لسطوة العنف الذي يصادر حريات الناس (مركز القاهرة ، 2000). إن تدريس حقوق الإنسان يقوم في مضمونه على وضع أسس لهذه الحقوق كقيم متشربة على مستويات الوعي والوجدان والمشاعر، وكسلوكات عملية قابلة للممارسة الفعلية ويبدأ هذا التعليم القيمي السلوكي من غرفة الصف والبيئة المدرسية، ويعززه الفضاء المجتمعي العام في البيت، في الشارع مع مختلف الفئات الاجتماعية ، مما سيتيح مجالا بالضرورة لاستنتاج أن التربية على حقوق الإنسان تسعى لتكوين المواطن المتشرب لقيم ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، القادر على ممارستها في سلوكه اليومي، الحريص على حقوق ومصالح المجتمع بقدر حرصه على حقوقه (فلاورز،2000). وقد اكتسبت هذه التربية خصائص ميزتها عن غيرها من العمليات التربوية، فهي تربية إنسانية، تتجه إلى توعية الإنسان بحقوقه، وتعزيزها باعتبارها أساس الماهية الحقيقية والأصلية للإنسان، فهي جوهر وجود الذات الإنسانية، وتربية من أجل الإنسان، من أجل ما يضمن له تحقيق ماهيته وجوهره (الجابري، 1989)، وهي تربية تنويرية عقلانية تصدر عن نزعة تنويرية عقلانية ، تسعى لترسيخ وتأسيس خطابها الإنساني المبني على مفاهيم الذات والعقل، والحرية والتسامح والاختلاف والكرامة والمساواة، وتعبر عن فكر تحرري، ينطلق من ذات الإنسان ككائن عاقل، ويقصد منه تنوير الأفكار والأذهان والسلوكات والعلاقات( أوديجيه، 1998). وهي تربية نقدية ذات بعد نقدي، تميل لإعادة النظر في مختلف القيم والمبادئ والسلوكات التي تتنافى مع حقوق الأفراد، وتعيق ممارسة الحقوق واحترامها، فهي تربية تسعى لإحداث تغييرعميق في الممارسات التقليدية للتعليم، وفي أساليب التفكير (وزارة التربية الوطنبة المغربية، 1998)، وهي ذات أبعاد حديثة تتضمن مبدأ انفتاح شخصية المتعلم على محيطه المعاش، وتسعى لإيجاد مواطن مؤمن بقيم حقوق الإنسان، يحترمها ويعترف بحقوق الآخرين، ويرفض ما يعاكسها ويتنافى مع وجودها وصونها ، ويسعى لممارسة السلوكات التي تطبقها واقعيا دون المساس بحقوق غيره ( المؤتمر الدولي للتربية ،1995). وهي أيضا تربية قيمية سلوكية بتعزيزها لقيم ومبادئ الثقافة الحقوقية الإنسانية، وتوجهها لتعليم سلوكات تؤسسها تلك القيم، فهي تتوجه بخطابها وممارساتها لمخاطبة الإنسان ككائن ممارس للسلوكات العملية لا كائن مفكر بشكل تنظيري وحسب ( البلعاوي ،2001). *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • تجربة سنغافورة في المدارس الذكية

    الدكتور محمد طه الزيود، وزارة الشباب، الأردن إستندت تجربة سنغافورة في المدارس الذكية إلى إصلاح تربوي شامل استهدف سياسات التعليم لجعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في صميم العملية التعليمة، وإدماجها منذ مرحلة إعداد وتصميم الدروس وحتى عملية التقييم، وتحسين قدرات المعلمين وإعدادهم مهنيا، وتبني نموذج مؤسسات المستقبل الذكية (مدارس الريادة ومدارس التفكير)، لتعزيز أفضل الممارسات والابتكارات الناجحة، مواصلة تطوير البنى التحتية للاستفادة القصوى من الإمكانات التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. واثر التحولات السريعة التي شهدها العالم منذ تسعينيات القرن الماضي والناجمة عن العولمة السريعة والاقتصاد القائم على المعرفة، وتزايد تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وزيادة المنافسة العالمية، وتزايد الاهتمام برأس المال الفكري، بدأت وزارة التربية والتعليم في سنغافورة في العام 1997 مراجعة إستراتيجية وطنية لإعادة النظر في المناهج الدراسية وأهدافها واتجاهاتها في المستقبل، تحت مسمى ( مدارس التفكير، أمة متعلمة -Thinking Schools, Learning Nation(TSLN)) ، حيث شكلت مدارس التفكير الذكية تحولا محوريا في سياسات التعليم الذي يهدف إلى إعداد طلاب سنغافورة للمستقبل وكافيات القرن الحادي والعشرين (21CC)، ورغم أن المناهج الدراسية التي تم إدخالها قبل 1997 والتي تركز على تعزيز مهارات التفكير لدى الطلاب، فان إطلاق مشروع " مدارس التفكير، أمة متعلمة" اعتبر محطة حاسمة في جهود سنغافورة المنهجية في التعليم لكفايات القرن الحادي والعشرين التي ركزت الموارد على المعلمين والبنية التحتية والتكنولوجيا ، وذلك بهدف تطوير الطلاب والكفاءات اللازمة لمواجهة التحديات المقبلة(Koh, 2005, Tan, Koh & Cgoy, 2016)، وقد ركزت السياسة الجديدة على تمكين الطلاب من تطوير مهارات التفكير الإبداعي والنقدي، وشملت استراتيجياته التدريس الصريح لمهارات التفكير الإبداعي والناقد، والحد من محتوى المناهج، ومراجعة أساليب التقييم، وزيادة التركيز على العمليات بدلا من النتائج في التعلم والتعليم(Tan, 2013). لقد بدأت سنغافورة خطة لإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم كجزء من ثقافة مدارس التفكير الذكية، وقد بدأ المشروع والذي يتكون من أربع مراحل والذي أطلق عليه " مخطط تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم" (Master plan for Information and Communications in Education)، في العام 1997 حيث أطلقت المرحلة الأولى ((Master Plan1 (MP1) وهدفت إلى تزويد كل مدرسة بالأجهزة والبرمجيات وشبكات الاتصال للطلبة والمعلمين للوصول إلى الموارد، وان يستخدم الطلبة الحواسيب بنسبة 30% من وقت الدوام المدرسي، أما المرحلة الثانية (MP2)، فقد هدفت الاستخدام الفعال والمنتظم لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنهاج، ووضع معايير أساسية لاستخدامها، وغرس بذور الاستخدام الابتكاري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بين المدارس (Tan et al., 2017). في عام 2005 أطلقت سنغافورة مشروع " تعليم أقل، تعلم أكثر Teach Less- Learn More)) ، والذي يهدف إلى التشديد على التغير التربوي لتشجيع التعلم النشط والمستقل عن طريق تقليم محتوى المنهج الدراسي وتعزيز التفكير النقدي والتعلم القائم على الاستفسار بين الطلاب، وإعدادهم للحياة بدلا من تدريس المزيد للاختبارات والامتحانات (Tan et al., 2016)، وفي عام 2009 تم إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع تكنولوجيا التعليم والاتصالات في التعليم (MP3) والذي هدف إلى البناء على المرحلتين السابقتين من خلال تطوير التعلم الذاتي والتعلم التعاوني للطلاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، واستكمالا للمشاريع السابقة وللسياسة التعليمية الجديدة أطلقت وزارة التربية والتعليم "إطار كفايات القرن الحادي والعشرين" (21CC Framework) والذي هدف وضع إطارا للمناهج الكلية التي حددت رؤية التعليم في سنغافورة حيث تستند نتائج التعليم الأربعة المرغوبة إلى مجموعة من الكفايات اللازمة للقرن الحادي والعشرين والعوامل الاجتماعية والعاطفية والقيم(Tan et al., 2017). وفي عام 2015 أطلقت سنغافورة المرحلة الرابعة من مشروع تكنولوجيا التعليم والاتصالات في التعليم(MP4) والذي هدف تطوير الاستعدادات المستقبلية والمسؤولية للمتعلمين الرقميين، في إطار سياسة تتماشى مع التعليم القائم على الطالب والقيم الموجهة نحو التعليم وتهدف إلى مساعدة الطالب على تطوير إتقان المواد وتعزيز مهارات وكفايات القرن الحادي والعشرين (Tan et al., 2017). لقد هدف مشروع مدرسة التفكير الذكية إلى تحقيق ما أطلق عليه " المخرجات المرغوبة الأربعة للطالب"، وهي: الشخص الذي يمتلك إحساسا قويا بالحق والخطأ: وهو قابل للتكيف والمرن، يفكر بشكل مستقل وناقد، ويتواصل بشكل فعال، المتعلم الموجه ذاتيا: الذي يتحمل المسؤولية عن تعلمه الخاص ويثابر في السعي للتعلم،مساهم، نشط يمكن أن يعمل بشكل فعال في فرق، مبادر ومتمكن، المواطنة المتجذرة في سنغافورة: لديه وعي مدني قوي ويأخذ دورا نشطا في تحسين حياة الآخرين(Tan et al., 2017). وفي إطار تطوير عمل مدرسة التفكير الذكية، تم توسيع نطاق التركيز على مهارات التفكير تطوير إطار مهارات وكفايات القرن الحادي والعشرين، ويشمل هذا الإطار على القيم والعواطف والمهارات الشخصية، والأشكال المستجدة لكفايات القرن الحادي والعشرين، ويتكون هذا الإطار من ثلاث طبقات، تتضمن الطبقة الخارجية، من ثلاثة مجالات عريضة هي محو الأمية المدنية، التوعية العالمية، والمهارات المشتركة بين الثقافات، والتفكير النقدي والابتكاري، والاتصالات والتعاون ومهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. أما الطبقة الداخلية فتتكون من الكفايات الاجتماعية والعاطفية التي تشمل الوعي الذاتي، التوعية الاجتماعية، إدارة العلاقات، واتخاذ القرارات المسؤولة، وفي قلب هذا الإطار ترسى القيم الأساسية للاحترام والمسؤولية والنزاهة والرعاية والوئام والتي ترتكز جميعها على تطوير الكفاءات. وفي إطار تطوير مهارات التفكير طرحت وزارة التربية والتعليم برنامج " المعرفة والتحقيق" ((Knowledge and Inquiry(KI) والذي يستهدف طلبة المدارس الأساسية العليا ومرحلة ما قبل الجامعة، بهدف إضفاء روح التعلم والاستكشاف على الطلبة وتعزيز قدراتهم في التحقيق وتقييم طبيعة وبنية المعرفة، وتطوير القدرات العقلية على التساؤل والبحث عن إجابات للملاحظات والظواهر، وتحليل أنواع مختلفة من الحجج والمعلومات، وتحديد وتقييم الافتراضات، وتقديم الحجج ودعمها(Tan, 2006). أيضا تضمنت مدارس التفكير الذكية في سنغافورة برنامج " مشاريع العمل المتكاملة" ((Integrated Project Work(IPW) والذي يهدف إلى جعل التعلم والتعليم تواصليا، وتشجيع النهج الابتكاري والتفاعلي، وإدخال نظام مشاريع العمل متعددة التخصصات والتي من شأنها تمكين الطلبة من العمل على مساحات المحتوى في المناهج الدراسية لمواد العلوم والرياضيات واللغة الانجليزية، وزيادة المسؤولية الاجتماعية من خلال أنشطة لعب الدور ومشاركة الأقران والعمل بنظام المجموعات( العمل الجماعي التعاوني)، وتشجيع الطلبة على التعلم الموجه ذاتيا من خلال البحث عن الموارد المرجعية في المكتبات وعلى شبكة الانترنت، وبما يساهم في توفير الفرصة لتبادل الخبرات التعليمية، ويتم التقييم ليس على أساس الدرجات للمهام المنجزة ولكن على أساس الأدوار الفردية والجماعية، وكيفية التعاون بين الزملاء خلال مراحل التخطيط والتنفيذ، ويتم خلال هذا البرنامج تشجيع الطلبة على التطوير الذاتي من خلال تزويد الدعم الفني لتكنولوجيا المعلومات(Saravanan, 2005). ومن المزايا الهامة للتجربة السنغافورية هو نظام الإعداد والتنمية المهنية للمعلمين، فقد اعتبرت سنغافورة أن المعلمين يعتبرون عاملا أساسيا في جودة نظامها التعليمي، وأن التحدي المستمر لسنغافورة هو ضمان أن يكون نظامها لتعليم المعلمين وثيق الصلة ومستجيبا وينتج معلمين ذوي جودة عالية وقادرين على تلبية احتياجات المتعلمين، وأن النماذج الجديدة للتعلم والتدريس في بيئة متغيرة بسرعة في القرن الحادي والعشرين تضاف إلى تحديات تعليم المعلمين (Lim, 2014). ويتولى الإشراف على إعداد المعلمين وتنميتهم المعهد الوطني للتعليم (National Institute of Education (NIE)))، وقد أصدر المعهد نموذجا خاصا لتعليم المعلمين في القرن الحادي والعشرين يعرف باسم (TE21) ، ويتضمن البرنامج على المجالات الرئيسية التالية لتعليم المعلمين، تشتمل على الفلسفة الأساسية والمناهج الدراسية والنتائج المرجوة للمعلمين والمسارات الأكاديمية، ويبرز نموذج القيم والمهارات والمعرفةV3SK)) ليشكل الفلسفة الداعمة لتعليم المعلمين ويحدد المهارات والمعارف التي يجب أن يمتلكها المعلمون في مواجهة تحديات الصفوف الدراسية في القرن الحادي والعشرين (Low & Tan, 2017). يتضمن نموذج القيم والمهارات والمعرفة(V3SK) ثلاثة قيم أساسية، هي قيم التمركز حول المتعلم والتي تضع المتعلم في صميم عمل المعلمين، وقيم الإحساس القوي بهوية المعلم والذي يشير إلى وجود معايير عالية ودفع قوي للتعلم في ضوء التغيرات السريعة في بيئة التعليم والاستجابة لاحتياجات الطلاب، وقيم الخدمة للمهنة والمجتمع والتزام المعلمين بمهنتهم من خلال التعاون النشط والسعي إلى أن يصبحوا عنصر فائدة للمجتمع المحلي (Low & Tan, 2017, NIE, 2016). كما شدد نموذج القيم والمهارات والمعرفةV3SK))على أهمية امتلاك المعلمين لمهارات التفكير والتفكير التأملي للمهارات التربوية والإدارة الذاتية، والمهارات الإدارية والتنظيمية، والاتصالات والمهارات التسهيلية، والمهارات التكنولوجية، والابتكار ومهارات تنظيم المشاريع، فضلا عن الذكاء الاجتماعي والعاطفي، أما المعارف فتتضمن المعرفة الذاتية، الطلبة، المجتمع، محتوى المواد، المعرفة التربوية، الأصول والسياسات التربوية، المناهج، محو الأمية الثقافية، التوعية العالمية والتوعية البيئية(Lim, 2014, NIE, 2016, 2009). ولتحقيق المزيد من النجاح أكدت إستراتيجية " أمة ذكية INation2015)"2015) والذي أصدرته الحكومة السنغافورية على أهمية التعليم والتعلم في ظل بيئة معولمة والتطور التكنولوجي والتحرر الاقتصادي الذي يساهم في تسريع وتيرة المنافسة في جميع أنحاء العالم، فأكدت على ضرورة تعزيز تجربة تعليمية جذابة لتلبية الاحتياجات المتنوعة للمتعلمين في سنغافورة من خلال الاستخدام المبتكر للمعلومات والاتصالات، من خلق بيئة إثراء شخصية تركز على المتعلم في المؤسسات التعليمية، واستخدام تكنولوجيا المعلومات لدعم التغيرات التربوية في المؤسسات التعليمية، وبناء قدرات المعلمين وقادة المدارس ومخططي المناهج، وتطوير المؤسسات التعليمية الحاضنة للابتكار في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. إضافة إلى إنشاء بنية تحتية للتعليم والتعلم على المستوى القومي، وسيتم الوصول إلى الهدف الرئيسي والأهداف الفرعية من خلال برنامج EdVantage وهو خارطة طريق المقترحة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم لتوفير بيئة متعلمة تركز على المتعلم وتمتد إلى ما وراء الصفوف الدراسية(IDA, 2006). إن التجربة السنغافورية في مجال مدارس التفكير الذكية استندت إلى مجموعة من الأسس، هي: ثنائية اللغة بهدف تزويد الطلبة بالكفايات اللغوية للوصول إلى الثقافات الغربية والشرقية على السواء، وبناء النظرة العالمية لدى الطلبة، والتكيف مع العولمة، التركيز على التعليم الشامل واسع النطاق لضمان النمو بشكل كلي، اعتبار المعلمين وقادة المدارس حجر الزاوية في عملية التطوير التربوي، ودمج تكنولوجيا المعلومات في الصفوف الدراسية، والعمل الوثيق مع أولياء الأمور(World Bank, 2010)، إضافة إلى اعتبار مدارس التفكير منظمات متعلمة وفق الضوابط الخمسة التي حددها بيتر سينج (P.Seng) لتعزيز ثقافة التعلم والتواصل الفعال وعلاقات العمل الجيدة بين الموظفين(Retna, 2015). *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • المعلم وترسيخ قيم المواطنة

    الدكتورة إبتسام علي محمد الكايد، وزارة التربية والتعليم، الأردن المعلم القدوة والنموذج والمتمكن من المعارف والعلوم وصاحب الحضور والشخصية، يكون له اليد الفضلى في بناء الإنسان وبناء المواطن المنتمي والمعتز بإنسانيته ومجتمعه. تبرز أهمية المعلم في إكساب التلاميذ القيم وتحمل المسؤولية واحترام آراء الآخرين والمساواة والصدق والأمانة والوعي الإجتماعي والسياسي والثقافي والديني والإخلاص في العمل وحسن الخلق والنظام، كلها تقع ضمن قيم المواطنة، وكذلك تدعيم الثقافة الوطنية للطلبة وممارسة الضبط الإجتماعي دون انتهاك حرية الدارسين التي تعد من أهم قيم المواطنة فضلا" عن دوره كقائد للأنشطة الجماعية. وليتمكن المعلم من أداء هذه المهام، فلا بد أن يكون لديه ثقافة مدنية ووعي إجتماعي، وكذلك التدريب المستمر لتطوير قدراته ورفع كفاءته بما يتضمن تناول القضايا بشكل مبتكر ومشوق وتقييم المعلم بشكل يتضمن مدى كونه قدوة لتلاميذه ومدى تواصله معهم ومدى حرصه على دعم روح المواطنة بشكل فاعل ومستمر، وينهض المعلم الديمقراطي بالمهام التي يختبر بها الطلبة من أجل تحمل المسؤولية بالنسبة لإنجازهم للأهداف التربوية، لذا يأخذ المعلم الديمقراطي على عاتقه مسؤولية تطوير الدروس الممتعة والدروس الإختبارية من أجل الطلبة ويتابع تثقيف نفسه بالتدريب المستمر والتخطيط لتعزيز قدرته على تعليم طلبته، وأن حسن نية المعلم والكلمات الحسنة التي تقال في مكانها والتشجيع والتقدير العادل للتحصيل يشكل ما يسمى بالمناخ السيكولوجي المرضي في الصف ويهيىء أجواء انفعالية إيجابية تساعد على استيعاب المعارف من قبل التلاميذ على نحو أفضل (عامر، 2012). ويقوم المعلم بدوره من خلال المنهاج الدراسي الذي يتوجب أن يكون ملبيا" لحاجات التلاميذ، ومنبعثا" من بيئتهم، ومنسجما" مع قدراتهم الذهنية واللغوية، حتى يسلك التلاميذ سلوكا" مقبولا"، أي أن المنهج يمثل نظاما" فرعيا" من أنظمة التربية ينعكس عليه ما ينعكس على التربية من تغيرات، ويكون الطفل متلقي للمنهج الدراسي وبالتالي هو متلقي للتربية، اي أن المنهج منوط به ترجمة فلسفة التربية إلى أساليب تدريس وإجراءات تأخذ طريقها ليس إلى المدرسة ولكن إلى غرفة الدراسة، وعلى المناهج أن تنمي القيم والإتجاهات الإيجابية اللازمة لإعداد انسان يؤدي واجبات المواطنة المتساوية والمشاركة المجتمعية مدرك لحقوقه وواجباته، ويجب أن يعكس المنهج العديد من المواد الدستورية والقانونية ذات العلاقة بموضوع المواطنة (السبيعي، 2016). وتعتبر مناهج الدراسات الإجتماعية من أكثر المناهج تركيزا" على المواطنة من خلال ما تتضمنه من نقل للتراث وثقافات الجيل الأول للجيل الذي يليه ونقل المعارف والمعلومات التقليدية وقيم الولاء والإنتماء، وكذلك تعليم مفاهيم وتعميمات العلوم الإجتماعية لبناء قاعدة معلومات يتم تعلمها فيما بعد، والتركيز على التفكير التاملي والبحث والإستقصاء واستخدام عمليات التفكير والحصول على المعارف والمعلومات التي يحتاج المواطن معرفتها لإتخاذ القرارات وحل المشكلات التي تواجهه، وكذلك تتضمن مناهج الدراسات الإجتماعية النقد الإجتماعي وتنمية قدرة الطالب على إختبار ونقد وتنقيح التراث السابق أو التقليدي والوضع الإجتماعي القائم من خلال استخدام طريقة حل المشكلات وتطوير ونمو المفهوم الذاتي الإيجابي وتطوير شخصية الطالب وتنمية الحس الوطني لديه (بوزيان، 2014). وتسهم الأنشطة المتنوعة بدور كبير في تربية المواطنة وتعزيز قيمها، اذ انها تهدف الى النمو المتكامل لشخصية التلميذ ودعم القيم الروحية والدينية والسلوك والخلق الإجتماعي وتكوين الإتجاهات والقيم المرغوبة، كما تظهر أهمية النشاط المدرسي من خلال الأهداف والقيم الديمقراطية المرتبطة بالمواطنة والتي تتمثل بغرس القيم الإجتماعية كالعمل والصدق ومراعاة أدب السلوك والقوانين، وكذلك فتنمية القدرة على الإدارة الذاتية والجماعية وحرية الرأي واحترام الرأي المعارض وآراء الأغلبية وتحمل المسؤولية والتمسك بالحقوق والواجبات وتحقيق الحرية وروح المشاركة والإنتماء والشعور بالأمن والولاء وتعزيز قيم الديمقراطية والتسامح وحرية العقيدة، ومن أهم مجالات الأنشطة الطلبةية داخل المؤسسة والتي تجعلها وسيلة فعالة في تنمية قيم المواطنة لدى الطلبة: الصحافة المدرسية والتي من خلالها يتعلم الطلبة التعبير عن الرأي والمشاركة السياسية واحترام الرأي والرأي الآخر، وكذلك الأنشطة الرياضية والتي تؤدي الى إكساب الطلبة إتجاهات نحو التعاون والصبر واحترام قدرات الآخرين وهذه الإتجاهات تؤدي الى إعداد شخصية تتسم بسمات قيادية، وايضا" الاتحادات الطلبةية: والتي تعمل على تنمية الوعي السياسي لدى الطلبة (عامر، 2012). ويستطيع المعلم والمدرسة من خلال تلك الأنشطة توجيه التلاميذ الى القيم والمبادىء السامية وتنمية روح المواطنة والمشاركة كالرحلات الداخلية والخارجية والعمل الجماعي والإحساس بالمسؤولية تجاه المؤسسة التعليمية، وتتوزع هذه الأنشطة ما بين أنشطة رياضية وثقافية وفنية ورحلات علمية وترفيهية الاً أن تنفيذ هذه الأنشطة مرهون بعدة عوامل فيها الإمكانات المادية والبنية التحتية من ملاعب ومعدات متنوعة (السبيعي، 2016). ويعتبر النشاط وسيلة وحافزا" لإثراء المنهج وإضفاء الحيوية عليه عن طريق تفاعل المتعلمين مع البيئة وإدراكهم لمكوناتها المختلفة من طبيعية الى مصادر إنسانية ومادية، وينظر المعلم للنشاط المدرسي باعتباره عنصرا" مشاركا" في العملية التربوية، وهو مفهوم يشتمل على إتجاهات أخلاقية وفكرية ورياضية، وتعتبر الفعاليات الثقافية وسيلة راقية لإكتساب المتعلم خبرات إجتماعية مختلفة من تعاطف وتعاون وتقدير للآخرين وتحمل للمسؤولية واحترام النظم والقوانين مما يسهم في تكوين المواطن الواعي المسؤول (بوزيان، 2014). *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • البرمجة اللغوية العصبية (NLP)!

    البرمجة اللغوية العصبية هي مجموعة من المهارات التي تكشف عن نوع الاتصال الأكثر أهمية من داخل وخارج النفس الإنسانية. وتشير لفظة العصبية إلى العقل أو الدماغ ، لا سيما فيما يتعلق بكيفية تأثير الحالات الذهنية (والجسم) على التواصل والسلوك. أما اللغوية فتشير إلى أن عقلنا وحالتنا الجسدية تنكشف في لغتنا وتواصلنا غير اللفظي. ذلك أن اللغة هي الأداة التي نستخدمها للوصول إلى الأعمال الداخلية للعقل. و تعلمنا أنماط لغة البرمجة اللغوية العصبية كيفية الوصول إلى المعلومات اللاواعية التي قد تظل غامضة وغير معروفة. أما البرمجة فهي القدرة على تغيير أذهاننا وحالاتنا الجسدية. وتتشابه البرمجة اللغوية العصبية مع مصطلح الطيار الآلي، أي ان الإنسان يعيش وفقًا لبرمجته، والتي تتكون من الأفكار والمشاعر وردود الفعل والمعتقدات والتقاليد المعتادة. وهنا يستطيع الشخص المدرب على البرمجة اللغوية العصبية تنظيم هذه البرامج في العقل وكيفية الوصول إليها من خلال المحادثة بحيث يمكن تغيير البرامج القديمة وسلوكيات الطيار الآلي. يركز معظمنا على الكلمات في حياته، ماذا يعني هذا الشخص وماذا أقول في المقابل؟ لقد ثبت منذ زمن طويل أن الكلمات هي أقل جوانب الاتصال أهمية ، فهي تنقل 7٪ فقط من المعنى (مهرابيان ، 1972). على سبيل المثال ، عندما يخبرك شخص ما بأنه على استعداد لمساعدتك في تنظيم لقاء اجتماعي ، لكن صوته متردد وتبدو تعبيرات وجهه وكأنك دعوته للتو إلى أمسية من التعذيب بالصدمات الكهربائية، من الواضح أن شيئًا آخر يحدث داخله، قالت كلماته نعم ، لكن التواصل غير اللفظي 93٪، قال شيئًا آخر. إن البرمجة اللغوية العصبية تشكل 93٪ من الاتصالات. إنها نظام لفهم واستخدام نوع الاتصال الذي يهم حقًا. أتقن التواصل غير اللفظي وستصبح خبيرًا في الاتصال. و لا يدرك معظم الناس أن الاتصال يتكون من أكثر من مجرد تفاعلات بين الناس. يوجد عالم كامل من التواصل داخل عقلك وجسدك. الحياة الداخلية - عقلك ، وموقفك ، ومشاعرك - هي شكل نشط من أشكال التواصل. ذلك ان أهم اتصال ليس بين الناس ولكن داخل الناس، التواصل الداخلي هو اداة قوية للبرمجة اللغوية العصبية ، والتي كانت تُعرف في الأصل باسم دراسة بنية التجربة الذاتية. هذه طريقة رائعة للقول أن البرمجة اللغوية العصبية تكسر ما يحدث بين أذنيك حتى تتمكن من القيام بشيء بناء معها. ومثال ذلك إذا كان لديك أصدقاء لتناول العشاء وتشعر بتوتر إضافي. لست متأكدًا من السبب. كل شيء يبدو على ما يرام ، لكنك تشعر بالتوتر. يمكن لممارس البرمجة اللغوية العصبية اكتشاف كيفية إنشاء هذه الحالة المتوترة في بضع لحظات وهذا يتعلق الأمر بكيفية تواصلك مع نفسك من الداخل و يتكون الاتصال الداخلي من الصور والأصوات والمشاعر (نموذج فاك). إن اكتشاف ما، يمنحك مشاعر متوترة هو مسألة اكتشاف الصور والأصوات التي تتوافق مع الشعور بالتوتر، وعندما تحول انتباهك إلى الداخل، تبحث عما تراه وتسمعه في الداخل، قد تكتشف أنك تتخيل أشياء تتعلق بالعشاء: • ترى منزلك فوضى عند وصول الضيوف. • صوت داخلي يقول ، "سوف يكرهوا العشاء." • نظرات اشمئزاز على وجوههم وهم يأكلوا. • أنت جالس بمفردك في منزلك لأنه لم يحضر أحد. الفكرة المهمة هي أنك لم تكن مدركًا لجميع قنوات الاتصال الداخلية. إذا كنت تشعر بالتوتر بشأن العشاء ، فمن المحتمل أنك تتخيل مدى سوء الأمر والاستجابة لهذه الصور والأصوات اللاواعية، فالمشاعر المتوترة هي مرآة للقنوات الأخرى. لهذا السبب تدعي البرمجة اللغوية العصبية أننا نستجيب للتواصل الداخلي ، سواء كنا على دراية به أم لا. لذا ، إذا كنت تتخيل أشياء سيئة ، تحدث في حفل العشاء الخاص بك ، فسوف تشعر بالتوتر، و عندما تدرك كيف تنشئ عقلية لا تريدها تمامًا ، يمكنك تغييرها. تقدم البرمجة اللغوية العصبية مكتبة واسعة من الأساليب لتغيير طريقة تفكيرنا بمجرد التعرف عليها، ويعد تحويل الاتصال الداخلي بحيث تشعر بتحسن هو جانب مهم في البرمجة اللغوية العصبية. إن مشروع التعرف والبحث في البرمجة اللغوية العصبية ، الذي أسسه عالم النفس الإكلينيكي فرانك بورك ، هو منظمة غير ربحية تم إنشاؤها لتوسيع نطاق التحقيق السريري في البرمجة اللغوية العصبية، وحصل بورك على درجة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي من معهد الطب النفسي في لندن ، وهو يستخدم البرمجة اللغوية العصبية منذ أوائل السبعينيات. و بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ، صمم الدكتور بورك ونفذ خطة لإعادة تأهيل 800 ناجٍ من مبنى مركز التجارة العالمي. اكتشف أنه كان قادرًا على تغيير أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (الصدمة) باستخدام بروتوكول مشتق من البرمجة اللغوية العصبية بشكل أسرع وأكثر فاعلية من البروتوكولات الأخرى. نتيجة لهذه التجربة ، أسس بورك مشروع البحث والتعرف على البرمجة اللغوية العصبية "للنهوض بعلم البرمجة اللغوية العصبية ورفع مستوى البحث إلى مستوى علمي ضروري للتنفيذ على نطاق أوسع." و هناك ركائز وأسس للبرمجة اللغوية العصبية تتمثل بأساس بناء العلاقة مع الآخرين. يمكن وصف العلاقة بأنها تواصل سريع مع الآخرين. وخلق الوئام حيث يخلق الثقة من الآخرين. ويمكن بناء علاقة سريعة من خلال فهم تفضيلات الطريقة، والعين للوصول إلى الإشارات والمسندات. وأساس الوعي الحسي ذلك إنك عندما تدخل إلى منزل شخص ما ، تلاحظ أن الألوان والروائح والأصوات مختلفة تمامًا عن تلك الخاصة بك. تمكّنك البرمجة اللغوية العصبية من ملاحظة أن عالمك أصبح أكثر ثراءً عندما تهتم عمدًا بحواسك بالكامل. وأساس نتيجة التفكير ذلك أن هدفك لفعل شيء ما. وترتبط النتيجة بالتفكير فيما تريد ، بدلاً من الوقوع في وضع التفكير السلبي. قد تساعد مبادئ نهج النتائج في اتخاذ أفضل القرارات والخيارات. وأساس المرونة السلوكية و تعني أن تكون قادرًا على القيام بشيء مختلف إذا كانت الطريقة التي تقوم بها حاليًا لا تعمل. وتعد المرونة جانبًا أساسيًا من ممارسة البرمجة اللغوية العصبية. يساعدك تعلم البرمجة اللغوية العصبية على إيجاد وجهات نظر جديدة وبناء هذه العادات في ذخيرتك السلوكية. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • الفصام النفسي- الشيزوفرينيا

    الفصام أو الشيزوفرينيا هو مرض عقلي ذهاني يعاني المصاب من عدم إستقرار في المشاعر والتفكير والحكم والأداء، وتظهر له أعراض "إيجابية" من مثل الهلوسة والأوهام واضطراب الفكر، وأعراض "سلبية" من مثل الانسحاب الاجتماعي، والافتقار إلى الحافز ، والمشاعر المقيدة وفقر الأفكار. يعاني قرابة واحد بالمائة من سكان العالم من هذا المرض، حيث تبدأ الإصابة بهذا المرض في أواخر مرحلة المراهقة اي قبيل سن العشرين من العمر ومن الممكن أن تبدأ بعد هذا العمر بكثير. بالنسبة للنساء عادة ما يبدأ في عمر يتأخر عن الرجل بفارق يتراوح بين 5-10 سنوات. علاج هذا المرض وارد بقوة حيث تشير نتائج الدراسات التي يتم علاجها بأن قرابة 20-25 في المائة من الأشخاص الذين يصابوا بالمرض قد تم شفاؤهم بشكل تام، وبأن قرابة 20 في المائة أخرى تتحسن وتستطيع العمل بشكل مستقل مع وجود بعض الأعراض، كما أن تأثر النساء بأعراض هذا المرض أقل حدة من الرجال والذين يصابوا به في فترات متأخرة من حياتهم. تسهم عوامل عدة في إستثارة والإصابة بهذا المرض من مثل ظروف الحياة الصعبة والقاهرة وكثرة وصعوبة الأعباء الأسرية والمنزلية والتي جميعها قد تؤدي إلى انتكاسة كبيرة للمصاب. و تزداد احتمالية الإصابة بالفصام بفعل العوامل الوراثية وإصابات الدماغ الناجمة من مضاعفات الولادة والعدوى الفيروسية للأم، ولا ينتج المرض من سوء الأبوة أو تعاطي المخدرات. وتحدث الإصابة بفعل فقدان أنسجة المخ، خاصة في الفص الصدغي، حيث ينخفض ​​نشاط الدماغ في الفص الصدغي، و يحدث عجز في تنظيم نشاط الدماغ عن طريق الخلايا العصبية الداخلية المثبطة في مرض انفصام الشخصية بحيث يصبح الدماغ اكثر استجابة وبإفراط للمنبهات البيئية. وتسهم الأدوية وتقلل من الأعراض الإيجابية لمرض الفصام ولكن لها تأثير ضئيل أو معدوم على الأعراض السلبية، والتي غالبًا ما تكون أكبر عائق في حياة المصاب بالمرض. ويسهم التأهيل الاجتماعي والتفاعل مع المصاب في تحسن حالته الصحية وخاصة إتاحة فرص العمل له على نحو يسهم في تعزيز دوره الاجتماعي. كما يعزز تثقيف الأسرة ودعمها للمريض في زيادة فعالية العلاج. ولعل التحدي والمعيق الأكبر للعلاج وتحسن حالة المريض يتجلى بالتمييز والنظرة الإجتماعية المريبة والنظر للمريض بتوجس وخيفة وعدم ثقة. لذلك فإن جزء مهم من العلاج يتجلى بالتفاعل والتواصل والثقة والـتأهيل الإجتماعي إلى جانب المعالجة الطبية المتخصصة. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • فن إدارة مقابلات التوظيف!

    تعتبر مقابلات التوظيف ابرز الأدوات التي تتبعها المؤسسات التربوية ومؤسسات الأعمال لإختيار الكفاءات التي ستنظم لفريق عمل المؤسسة، والتي تتم من خلال لجان تشكل من عدة اطراف للقيام بهذه المهمة بكل إقتدار من خلال المقابلة الحية المباشرة او حديثا من خلال الإتصال المرئي عبر أحد التطبيقات الإلكترونية والتي من ابرزها زووم وتيمز وسكايب. وتتميز لجان المقابلة بأنماط معينة وإن كانت لاتخرج عن كل من النمط الدافئ الودود والمرحب بالمرشح والنمط الصارم الصعب والقاسي في تعامله واسئلته وطريقة تعامله. ولعل النمط الأول المتمثل بالدفئ والترحيب يعطي نتائج ومردود افضل ويستخرج من المرشح افضل ما لديه للتعبير عنه، إلا ان التفاعل بين اللجنة والمرشح حول مواضيع محددة يتيح الفرصة للتعرف على تفاصيل تسهم كل من اللجنة والمرشح للإقبال على بعضهم البعض وبالتالي إتخاذ قرار مناسب في التعيين والرغبة بالعمل من قبل كل من الطرفين. تقوم بعض لجان المقابلات بالتحاور بشكل عام دون وجود تسلسل او أسئلة واضحة لديها لطرحها وقد لا تكون هذه الممارسة الفضلى، إذ ان الممارسة الفضلى تؤكد على ضرورة وجود سلسلة واضحة ومحددة من الأسئلة يتوجب طرحها في سياق زمني محدد بحيث يستطيع المرشح التعبير عن رأيه وعن خبراته وبالتالي الحكم على شخصيته ومقارنتة بغيره لفرز الأفضل والذي يخدم المؤسسة ويحقق أهدافها. لذلك يتوجب أن تكون الأسئلة واضحة ومحددة وبسيطة وخالية من التعقيد وقليلة قدر المستطاع، وان تركز على ما يحتاحه العمل من معارف وخبرات ومهارات بعيدا عن كثرة الاسئلة التفصيلية التي تضيع وقت المقابلة ولا تسهم في إختيار الأفضل، ولعل ذلك يستوجب من اعضاء لجنة المقابلة العمل بعمق مسبقا على إختيار وتحديد الأسئلة ومهام كل عضو في اللجنة. إن من المفيد للمؤسسة للفوز بأفضل الكفاءات والخبرات التركيز على الممارسات وطرق العمل والتعامل وكيفية تنفيذ المهام وتطوير المؤسسة وصناعة فرق في مسيرتها القادمة، وهذا ما يجب أن تلتفت اليه الأسئلة بحيث تسأل عن الجانب العملي التطبيقي والممارسة المتوقعة في مواقف عملية حية وليس مواقف تخيلية غير واقعية. كما يجب أن تبتعد لجان المقابلة عن الأسئلة التي تقود المرشح لإجابة ترغب بسماعها أو إلى إتجاه معين ترغب به، كون الهدف من المقابلة معرفة إتجاهات وتطلعات وخبرات ومهارات وقناعات المرشح وليس قيادته في إتجاه ليعطينا قناعات وإجابات نرغب به. كما يتوجب أن تطرح أسئلة عن رؤية المرشح وتطلعاته المستقبلية للمؤسسة والعمل الذي سيلتحق به وكيف سيشكل إضافة نوعية له، وماذا يحمل من فكر ورؤية لتطويره والإرتقاء به الى مستويات أرفع من التميز، وهنا يجب أن تكون أسئلة سابرة عميقة تستطيع ان تكشف عمق الفكر والقدرات الفكرية والتطلعات المستقبلية والطموح الذي يحمله المرشح. كما يجب أن يرافق ذلك إهتمام اللجنة بالشخصية والحضور والقدرة على الإقناع والطلاقة والمظهر والأناقة ومهارات التواصل والتفاعل اللفظي والجسدي والإصغاء وسعة الصدر عند طرح الأسئلة والتحاور مع المرشح. إن إتباع من مثل هذه التوجيهات في مقابلات العمل يجب أن يرافقه التفاعل والتواصل بين أعضاء اللجنة لإختيار الأميز من حيث علمه ومعرفته وخبراته ورؤيته ومهاراته وحضوره الشخصي وإمكاناته لصناعة الفرق في مسيرة المؤسسة وتميزها. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. الأفكار الرئيسة مصدرها

  • الجامعات والتربية الأخلاقية للطلبة

    الدكتور علاء خميس الخزاعلة، أصول تربية، الأردن تشكل التربية الأخلاقية أحد أبرز أركان العملية التربوية ونسقاً حيوياً في نسيج وجودها، وإنه من الصعوبة بمكان الفصل ما بين الأخلاق والتربية، إذ لا يكون أحدها دون الأخر، ذلك أن التربية فعل أخلاقي في جوهره، كما أن الأخلاق فعالية تربوية بطبيعتها، ويتجلى هذا التصور للعلاقة ما بين التربية والأخلاق في رؤية هربرت سبنسر الأخلاقية بأن الغرض الجزئي والكلي من التربية يتمثل في فكرة الفضيلة. وتأسيساً على هذه الرؤية لا يمكن للأخلاق أن تنفصل عن جوهرها التربوي، في الوقت الذي لا يمكن فيه للتربية أن تنقطع عن كونها رسالة أخلاقية في أشمل تجلياتها الإنسانية وأعمقها على الإطلاق، وعلى هذا النحو يصعب تماماً إيجاد الحدود الفاصلة بين التربية والأخلاق، أو بين الأخلاق والتربية، لأن كلاً منهما يرتهن بالآخر، ويتكامل معه في عملية بناء الإنسان والتاثير في سلوكه والنهوض به إلى مستوى السمو الإنساني والأخلاقي. ولما كانت الجامعة مؤسسة علمية تربوية وإجتماعية تعنى بتربية النشئ، وهي التي تختار لهذه الغاية، الخبرات والكفاءات العلمية القادرة على بناء الإنسان المتمكن من العلم والمعرفة و القيم الأخلاقية، فإن كل عمل ونشاط يجري في الجامعة يجب أن يظهر إرتباط عناصر العملية التربوية بالقيم الأخلاقية للمجتمع (ناصر،2006). وأصبح الدور الذي تؤديه التربية في بناء المنظومة الأخلاقية في المجتمع قضية فكرية تطرح نفسها بقوة في المجال التربوي، وقد عمل Durkheim في هذا الميدان، وبقيت أعماله حول التربية الأخلاقية منارة علمية يمكن للباحثين الإهتداء بها في تناولهم لهذه المسألة الحيوية من حيث طبيعة التربية الأخلاقية ووظيفتها. وبات واضحاً اليوم أن التفكير بالتربية الأخلاقية يطرح نفسه في مواجهة تحديات العنف والتعصب والعدوانية والفساد والغش والطمع والعنصرية التي تفرض نفسها في الحياة الإجتماعية المعاصرة (وطفة، 2011). إن تربية الطلبة وتهذيب أخلاقهم من أهم الوظائف التي تضطلع بها الجامعة، ذلك أن تربية الطلبة على أخلاقيات الصدق والامانة والوفاء والإلتزام القيمي، وحفظ النفس والكرامة والعزة، والإلتزام بالعمل والواجبات، والإخلاص بالعمل وممارسة الفضيلة، كل هذا يساهم في بناء الإنسان المنتمي لوطنه والإنسانية، إلا إن تعليم كل ذلك يتطلب من الجامعة دور مؤسسي منظم يقوم به كل من أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية والمناهج الدراسية والفعاليات والأنشطة، كما تتطلب قدر من الحرية دون أي تدخل إداري قد يعيق التربية الأخلاقية للطلبة، وأن يتم خلق ظروف وبيئات لتنمية وبناء الأخلاق والفضيلة لدى الطلبة (سلوم، 2009). إن العملية التعليمية في الجامعة تشكل الركن الأبرز في التربية الأخلاقية للطلبة من خلال المنهج الدراسي والتفاعل التربوي الذي يجري داخل قاعات الدرس والمحاضرات والمختبرات وبما يسهم في في بناء الشخصية والسلوك الأخلاقي لدى الطلبة. حيث يسهم الأستاذ الجامعي في إعداد الطلبة الإعداد القيمي وغرس الأخلاق النبيلة الفاضلة لديهم إضافة إلى دوره الأكاديمي المتمثل بنقل العلوم والمعارف إليهم والعمل على ترسيخها في أذهانهم. وفي ضوء ذلك ينبغي عليه أولاً أن يتحلى بالأخلاق ويتمثلها ويتصف بها وأن تكون قناعته راسخة وحقيقية بدوره الفاعل في التربية الأخلاقية عند طلبته وبالتالي أن يعمل على إبتكار مختلف الأساليب والوسائل الفعالة من أجل تكوين الشخصية الأخلاقية الفاضلة عند طلبته وتعزيزها . وعليه أن يكون قدوة ومثالاً يحتذي به للطلبة في تصرفاتهم وسلوكهم وأن يقوم بدور تربوي وأخلاقي ريادي وإنساني لبناء الإنسان المتحلي بالفضائل والكمالات الأخلاقية. وينبغي للجامعة أن توجه نشاطاتها اللاصفية من النشاطات الثقافية والإعلامية والفنية والرياضية والترفيهية وغيرها بإتجاه تعزيز القيم الأخلاقية وقيم الخير والحق وتعمل على توجيه الطلبة من خلال هذه النشاطات إلى التربية الأخلاقية الفاضلة والقيم النبيلة التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها، وأن تكون برامجها ونشاطاتها الأخرى موجهه بإتجاه هذا الهدف والذي من خلاله تستطيع أن تساهم في التنشئة الأخلاقية الصحيحة والفاضلة للطلبة وبالتالي أبناء المجتمع بصورة عامة. وفي إطار الإهتمام بالتربية الأخلاقية على مستوى الجامعات، فإن الحاجة ملحة لعملية تربوية شاملة متكاملة تقوم على اُسس علمية تربوية تسند للمؤسسات التربوية والإجتماعية والإعلامية للتربية الأخلاقية لأبناء المجتمع لينعم المجتمع بممارسات قيمية وأخلاقية مسؤولة. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • مسؤولية الأسرة تجاه الإساءة للطفل

    د. ميسون فوزي العكروش، أ‌. د. محمد صايل الزيود تعتبر طفولة الإنسان من المراحل المهمة التي حظيت باهتمام المجتمعات البشرية منذ اقدم العصور إلا أن هذا الاهتمام برز على نحو لافت في الزمن المعاصر من خلال توجيه الجهود بشكل علمي ومؤسسي ونظري وعملي إلى الطفل، حيث ظهرت النظريات والمبادئ والدراسات التي تناولت دراسة الطفل وخصائصه وحاجاته والنظر إليه نظرة تتسم بالشمولية والتكامل في جميع النواحي الجسمية والانفعالية والاجتماعية والعقلية. حيث ظهر اهتمام الأديان السماوية والدول والمؤسسات والهيئات بالطفولة وتطورها، كما ظهر العديد من الفلاسفة والمفكرين الذين أعطوا دراسة الطفولة كل اهتمام. ففي سياق اهتمام الأديان السماوية بالطفولة نجد اهتمام الإسلام الحنيف الشمولي بالطفولة كمرحلة هامة وحساسة من حياة الإنسان فيشير قول الرسول عليه الصلاة والسلام إلى حق الطفل في الرعاية والاهتمام من قبل أسرته من خلال قوله عليه السلام" اكرموا أولادكم واحسنوا أدبهم"(ابن ماجه)، و أكد الإسلام على حق الطفل في الحياة والبقاء يقول تعالى" ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم" (سورة الأنعام، من آية 51)، وعمق الإسلام حق الطفل في التسمية الحسنة فيقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام" إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فاحسنوا أسماءكم" (أبو داوود والترمذي)، كذلك أعطى الإسلام الطفل الحق في النفقة من والده، يقول تعالى(وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (سورة البقرة، آيه، 233). كما عمق الإسلام حق الأولاد في التربية الحسنة والإكرام لهم في المعاملة وفي هذا روى ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول عليه السلام قال: "أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم" (ابن ماجه). ومن الفلاسفة الذين أعطوا الطفولة اهتمام كبير الفرنسي جان جاك روسو الذي أشار إلى ضرورة جعل الطفل مركز العملية التربوية من خلال الإيمان بالطفل وخصائصه وميوله وحاجاته الحاضرة ومصالحه (الشيباني، 1982). ويشير روسو كذلك إلى احترام الطفولة لدى الطفل بقوله" أحبو الطفولة، يسروا ألعابها ومسراتها وفطرتها المحبوبة، من منكم لم يأسف أحيانا على تلك السن التي لا تفارق الابتسامة فيها الشفتين والتي تكون فيها النفس في سلم وهدوء دائم؟ فلم تريدوا أن تحرموا هؤلاء الصغار الأبرياء من متعة تكاد من قصرها تفوتهم" (عبد الدايم، 1984). وعلى الرغم من هذا الاهتمام الذي حظيت به الطفولة من قبل مختلف الجهات وبكل مستوياتها نجد أن الطفل قد اصبح هدف توجهه إليه الإساءة بأنواع وصور شتى ولأسباب غير تربوية وغير أخلاقية. حيث ظهرت الإساءة ومحاربتها عندما قامت أم من نيروبي بشرط وجه ابنها بمشرط وقدمت بناءاً على فعلتها تلك إلى إحدى المحاكم في لندن، واعتبرت المحكمة أن فعلتها هذه إساءة للطفل لكنها لم تعاقبها، واكتفت بحرمانها من الإشراف على تربية أطفالها (فرح، 1999). كذلك بدأت الأمم والشعوب والحكومات بإصدار القوانين والتشريعات التي تعمل على حماية الطفل وتكفل له النمو والتطور السليم، وقد تمثل ذلك في إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924، والذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 من تشرين الثاني 1959 والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث اشتمل هذا الإعلان على جميع الإجراءات التي تكفل حمايـة الطفل ورعايته وأخذ التدابير اللازمة لوقايته من أي إساءة قد يتعرض لها، وذلك من خلال المبادئ العشرة التي تؤيد حقوق الطفل في أن يستمتع بوقاية خاصة وأن تتاح له فرص وتسهيلات تؤدي إلى تنشئته على نحو يكفل له رعاية طبيعية وصحة كاملة في ظل الحرية والكرامة، وأن يكون له اسم وجنسية من وقت ولادته كما يكون له حق الاستمتاع بمزايا الأمن الاجتماعي، ويشمل ذلك التغذية الكاملة والمأوى والرياضة والخدمات الطبية وأن يمنح حق العلاج الخاص والتعليم والرعاية إذا أصيب بعجز، وأن ينشأ في جو من العطف والأمن برعاية والديه في نطاق مسؤوليتهما. وأن تتاح لـه الفرصة لكي يتعلم وأن يكون أول من يحصل على الوقاية والإغاثة في الأوقات التي تحدث فيها النكبات، وأن تتاح لـه الوقاية من كافة ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال وكذلك من الأعمال التي ينجم عنها أي نوع من التمييز، ويبرز الإعلان أخيراً أن الواجب يقتضي تنشئة الطفل وفقا لروح التفاهم والصداقة بين الشعوب وتحقيق السلام والأخوة العالمية الشاملة (مرعي، 1985). والإساءة إلى الطفل تشير إلى أنها إساءة معاملة الطفل بجميع أشكال الإساءة الجسدية و العاطفية والجنسية، والإهمال أو المعاملة بالإهمال، و الاستغلال بما في ذلك التجاري، مما يؤدي إلى أذى فعلي أو كامن لصحة الطفل، وبقائه، ونمائه وكرامته. ووصف كمب (Kemp,1962) ورد في Gervis, 2004)) مفهوم سوء معاملة الطفل على أنها إيقاع الأذى الخطير أو إصابات خطرة بالأطفال الصغار بواسطة الوالدين أو مقدمي الرعاية، وغالباً ما يَنتج عن هذه الإصابات كسور، وتجمعات دموية بالدماغ وإصابات متعددة في الأنسجة الرخوية، وعجز مستديم وحدوث وفاة. وأشار فونتانا (Fontana, 1964)، وردت في منصور ،2001) إلى مفهوم سوء معاملة الطفل في إطار "متلازمة إساءة المعاملة " maltreatment Syndrome" " بأنها تتضمن أسباباً أخرى هي الحرمان الانفعالي والإهمال وسوء التغذية (منصور، 2001). وأشارت منظمة الصحة العالمية ((World Health Organization “WHO”, 1999 إلى أن الإساءة للطفل تأخذ نوعين: الأفعال الظاهرة وهي أفعال العنف التي تقع على جسم الطفل باستخدام القوة، فتسبب إصابات مختلفة أو تقيد حرية الطفل رغما عنه، و الأفعال المبطنة تتضمن الإهمال وهو اعتداء غير محسوس لأنه لا يشمل الاعتداء باستخدام القوة، بل هو إلغاء لوجود الطفل. ويشير الأدب التربوي إلى وجود أشكال متعددة للإساءة كالإساءة الجسدية وهي الإساءة التي ينتج عنها أذى جسدي فعلي أو كامن، ومن المتوقع أن يكون تحت سيطرة الوالدين أو شخص ذي مسؤولية، أو ثقة أو سلطة، وقد تكون حادثة بعينها أو مكررة (WHO,1999). ويعد هذا النوع من الإساءة من أكثر أنواع الإساءة شيوعا وذلك بسبب سهولة اكتشاف وملاحظة أعراضه الظاهرية. وتظهر أشكال الإساءة في تعرض الطفل للحرق والضرب بأدوات حادة، وتظهر على شكل إصابات غير عرضية في الجسم، وإصابات الرأس والدماغ والنزيف، والكسور المتكررة للطفل، و عدم الاستمتاع باللعب وانعدام الثقة بالنفس، والابتعاد عن الآخرين والخوف من الكبار. أما الشكل الثاني من الإساءة فهو الجنسية: وهي عبارة عن توريط الطفل في نشاطات جنسية لا يستوعبها كليا، وغير مهيأ نمائيا لها وغير قادر على التعبير عن قبولها أو رفضها، وهي مخالفة للقوانين ومرفوضة ثقافيا واجتماعيا، وتحدث الإساءة الجنسية من خلال نشاطات جنسية من البالغ على الطفل أو من طفل آخر أكبر منه سنا، يكون مسؤولا عنه وموضع ثقته أو بيده السلطة، وقد يكون المسيء من عائلة المُساء إليه أو شخصاً معروفاً لديهم أو شخصاً غريباً، (WHO,1999). وتعتبر الإساءة الجنسية أشد الأنواع تأثيراً على الطفل وسبباً مباشراً في تدمير شخصيته وإصابته بالعديد من الأمراض النفسية والانحرافات المختلفة في فترات حياته المختلفة (رطروط، 2001). أما النمط الثالث من الإساءة فهو الإساءة العاطفية وهي تشير إلى قصور راعي الطفل في توفير بيئة نمائية تشجيعية سليمة، يتوافر فيها وجود راع أساسي يرتبط به الطفل ارتباطاً عاطفياً لضمان نمو مستقر له ضمن علاقة مسؤولة أو ثقة أو سلطة، ويسمح للطفل بتطوير قدراته الاجتماعية والعاطفية التي تتفق مع قدراته الشخصية ومحيط البيئة التي يعيش فيها، ويؤدي هذا القصور إلى أذى في تطور الطفل الصحي، والجسدي، والعقلي، والعاطفي، والأخلاقي والاجتماعي. وتتضمن الإساءة العاطفية تقييد حرية الطفل، والتقليل من قيمته والإساءة لسمعته، وتحميله مسؤوليات ينوء بحملها، وتخويفه، وممارسة التمييز عليه وتهزئته، أو أي شكل من أشكال التعامل السيئ الذي يقوم على الكره والرفض (WHO,1999). وتعد الإساءة العاطفية من الإساءات الخطيرة التي يتعرض لها الطفل بسبب آثارها المباشرة على شخصيته وبسبب صعوبة تحديدها والكشف عنها وصعوبة معرفة أسبابها ونتيجة ارتباطها بأنماط أخرى من الإساءة كالإساءة الجسدية والجنسية والإهمال. ويعتبر الإهمال النمط الرابع من الإساءة للطفل ويشير إلى إخفاق راعي الطفل في توفير الاحتياجات النمائية في مجالات الصحة، التعليم، التطور العاطفي، التغذية، المسكن، والظروف الحياتية الآمنة، في سياق القدرة على ذلك، مما يؤدي إلى حدوث أذى للطفل في صحته أو تطوره الجسدي والعقلي، والعاطفي، والأخلاقي، والاجتماعـي (WHO,1999). ويأخذ الإهمال أشكالاً عدة أبرزها: 1. الإهمال الجسدي: وهو عبارة عن إصابة الأطفال بمشاكل سوء التغذية والإصابة بالنحافة الشديدة والأمراض المزمنة. 2. إهمال العناية الطبية: وهو عدم العناية الطبية الدورية والروتينية لفحص الطفل أو إعطائه المطاعيم أو عدم العناية بأسنانه. 3. إهمال التعليم: وهو الفشل في عدم الوفاء باحتياجات الطفل التعليمية عن طريق عدم إلحاقه بالمدرسة لغايات تعلمه وتثقيفه. 4. الإهمال العاطفي: ويشير إلى الفشل في تقديم الأمان والحب والاستقرار للطفل بشكل يؤدي إلى فقدانه للإحساس بمكانته، ويسبب له شعورا بالنبذ وقد يأخذ التعبير عن هذه المواقف صورة عدم الرضا والغضب فيفقد الطفل القدرة على التفاعلات الاجتماعية السليمة وقد يتميز سلوكه وشخصيته باللامبالاة بمن حوله وعدم الاكتراث والانطواء (رطروط، 2001). ويقف خلف أشكال الإساءة للطفل عوامل متعددة عملت الدراسات والأبحاث على كشفها، وإن كان تركيزها في البدايات على الآثار الجسمية الناتجة عن الإساءة، والنظر إلى الاضطرابات العقلية والنفسية عند الأفراد المسيئين كمسبب رئيسي لوقوعها. ففي ضوء الدراسات نجد أن هناك أسباباً عديدة تساهم في وقوع الإساءة، فهناك عوامل ترتبط بالأسرة من أم وأب واخوة أقارب وعوامل ترتبط بالظروف الاجتماعية، والثقافية، والبيئة الأسرية، و الاقتصادية وخاصة الفقر الذي يعتبر من الأسباب المسؤولة عن إساءة معاملة الأطفال، وذلك بسبب عدم القدرة على توفير أو تلبية الحاجات الأساسية للأفراد، والذي يترتب عليه نشوء صراع بين الزوجين يؤدي في النهاية إلى أن يُسقط أحد الأباء غضبه على أبنائه، فأكثر ألوان الإساءة وقوعاً ينجم في الغالب عن أسباب اقتصادية، خاصة الإساءة الجسدية والإهمال، فالمعدلات الأعلى للإساءة تحدث ضمن العائلات ذات الدخل المتدني. كذلك فان الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الآباء مثل الإنطوائية والاكتئاب تسهم في زيادة وقوع الإساءة على الأطفال (Walsh, 2002). كما تسهم العوامل الاجتماعية والثقافية دورا في وقوع الإساءة حيث أبرزت الدراسات أن البيئة الفوضوية، المتمثلة بعدم وجود ضوابط أو قوانين في بيئة الطفل تلعب دورا هاما في إيقاع الإساءة عليه وخاصة الإساءة الجسدية. وتعتبر الضغوطات اليومية التي تتعرض لها الأسرة والعزلة وغياب الدعم الاجتماعي المقدم لها من المحيطين عوامل تسهم في زيادة احتمالية وقوع الإساءة بكافة أنواعها على الأطفال (العقرباوي، 2003). كما يُعتبر التفكك الأسري وفقد أحد الوالدين من العوامل المسببة لوقوع الإساءة، فعيش الطفل مع والد وحيد قد يؤدي إلى إيقاع الأذى عليه من قبل ذلك الوالد. كذلك فإن العزلة الاجتماعية تعزز فرص حدوث الإساءات الموجهة إلى الأطفال، فمعظم العائلات التي تحدث فيها الإساءة هي التي ليس لها جذور عائلية في بيئتها المباشرة حيث تفتقد هذه الأسرة إلى المساندة الضرورية في حال حدوث الصراعات والمشاكل. كذلك تسهم العلاقة بين الأزواج والزوجات في حدوث الإساءة للطفل، حيث يكون الأزواج غير مكتفين أو مقتنعين بعلاقتهم الزوجية مما يؤدي إلى جعلهم أكثر عدائية وعنفاً واقل دفئاً ودعماً لأطفالهم، ونتيجة هذه العلاقة فقد أشارت الدراسات إلى أن الأطفال الذين هم من عائلات تعاني من "خلافات زوجية صعبة" أو من عائلات تمارس "العقاب التأديبي القسري" يكونون أقل تشجيعاً ودعماً واقل تسامحاً بين بعضهم البعض. والعلاقة الممزقة ما بين الأبوين ليست وحدها السبب وراء الإساءة للطفل بل أن التمزق في جميع نواحي العلاقات الأسرية يعتبر عاملاً خطراً يكون ضحيته أكثر من فرد واحد (Panel, 1993). وتعود الإساءة إلى أسباب تتعلق بالآباء كتدني المهارات الأبوية اللازمة للتفاعل مع الأطفال كالتحدث إليهم أو لمسهم برفق، فمهارات هؤلاء الآباء تتسم بالعنف والسلبية، وفي المقابل قد تكون الحماية الزائدة أو الضغط الشديد أحد الأسباب التي تجعل الأب عشوائياً في سلوكه. كما يعاني الآباء الأصغر سنا من صعوبة في تلبية احتياجات أطفالهم ولصغر سنهم قد يفتقدون الكثير من الخبرة في كيفية التعامل مع أطفالهم (Heidi, 2004). كذلك فإن إدمان الآباء على شرب الكحول أو المخدرات قد يكون من الأسباب المحتملة لسوء المعاملة داخل الأسرة، فالإدمان يؤدي إلى الكثير من المشاجرات العنيفة أو الضرب أو التحرشات الجنسية أو يقود إلى الإهمال. كذلك فان إصابة الآباء بأمراض نفسية أو عقلية وتدني مستواهم التعليمي يلعب دورا في إمكانية حدوث الإساءة للأطفال نتيجة الجهل وقلة المعرفة بأمور الطفل النمائية وخصائصه (رطروط، 2001). وأظهر الأدب التربوي أنه يوجد خصائص محددة للأطفال المساء إليهم أدت إلى وقوع الإساءة عليهم ومنها: عمر الطفل فالأطفال من الولادة حتى سن 4 سنوات هم أكثر تعرضا للإساءة المباشرة، أما الأطفال الأصغر عمراً فهم عرضة للإهمال الجسدي، بينما يكون الأكبر عرضة للإهمال العاطفي أما المراهقون فيتعرضون أكثر للإساءة الجسدية فيما تبدأ الإساءة الجنسية على الأغلب من سن ثلاث سنوات فما فوق (العقرباوي، 2003). كما أن وجود إعاقة ما لدى الأطفال يعد عاملاً مشجعاً لوقوع الإساءة عليهم حيث يتعرض هؤلاء الأطفال نتيجة إصابتهم بإعاقة جسدية أو عقلية للإساءة وخاصة الإساءة الجسدية والإهمال، نتيجة عدم المعرفة في كيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال، فقد وجد بعض الباحثين أن التخلف العقلي من أهم العوامل التي تساعد على الإيذاء، ووجود هذا الطفل يشكل ضغطا غير طبيعي على الأسرة. كذلك فإن ترتيب الطفل في الأسرة يكون عاملاً مساهماً في وقوع الإساءة عليه، إذ أن الطفل الأصغر أو الأكبر أو الوحيد في الأسرة هو الأكثر عرضة للإيذاء والإساءة من قبل ذويه. كذلك فإن عامل التوقعات المعاكسة والذي يشير إلى أن الطفل الذي يولد دون رغبة من والديه أو نتيجة حمل غير مرغوب فيه لأسباب اقتصادية وأخرى حياتيه أو قانونية قد يكون أحد الأمور التي قد تهيئ لسوء المعاملة (رطروط، 2001). تتجلى خطورة الإساءة للطفل في الآثار التي تتركها على شخصيته سواء كانت هذه الآثار مادية أو معنوية، حيث تترك الإساءة الجسدية آثاراً يستدل من خلالها على وقوع الإساءة الجسدية على الطفل منها: حروق، كدمات، آثار ربط بالسلاسل الحديدية، خدوش، كسور في العظم، عضات، كسور في الجمجمة، تشوه في جزء أو عضو في الجسم. كما تترك آثاراً نفسية تتجلى في الضغط النفسي والتوتر، والصداع، وأعراضَ أمراضٍ نفسية وجسدية، وأفكاراً متداخلة تظهر من لا شيء، و القيام بحركات عصبية بدون سبب ظاهر، و يظهر الطفل يقظةً كبيرة واستعداداً دائما للهجوم وخوفاً مفاجئاً من أن يلحق به أذى من أي شخص، ويصبح لديه أفكار تحرشية وسلوك عدائي دون تفكير، ويصعب السيطرة عليه، وأحلام وكوابيس عن مواقف وصدمات لأحداث الإساءة. كما يعاني من تأخر في التطور وتأخر في نمو العضلات الكبيرة والصغيرة (Heidi, 2004). كما أن الطفل المساء إليه يعاني في المستقبل من علامات الغضب، والإحباط، والقلق، و السلوك الاجتماعي المتضمن فقدان الإحساس بالأمن، وكبت الذاكرة (بعدم تذكر الحدث في حالة الوعي). وتترك الإساءة الجنسية على الطفل آثاراً سلبية على المدى القصير والطويل، فمن التأثيرات النفسية التي يعاني منها الطفل المُساء لـه جنسيا على المدى القصير الخوف، والاضطراب، والسلوك العدواني، والغضب، والإحساس بالاضطهاد، والسلوك الجنسي غير المناسب للمرحلة النمائية. أما الآثار على المدى الطويل فتتمثل بالاضطراب، والإحباط، والإحساس بالعزلة، وضعف الثقة بالآخرين، وضعف في تقدير الذات، وأذية النفس، وطعام غير منتظم، والانفصال عن العالم الخارجي، والخزي والعار (رطروط، 2001) . وتترك الإساءة القائمة على الإهمال آثاراً في غاية السلبية على شخصية الأطفال كعدم المبالاة في مرحلة الطفولة المبكرة، و عندما يكبرون يكونون كثيري الحركة ضعفاء التركيز، ولديهم قابلية ضعيفة للاهتمام بالآخرين. كما يظهرون تأخراً في التطور، وضعفاً في التحدث وفي القابلية للتعلم، وضعفاً في العلاقات الاجتماعية، وانخفاضاً في تقدير الذات، ومن الممكن أن يتوقف نموهم. كما تترك الإساءة الإنفعالية أو العاطفية للطفل آثاراً سلبية على الطفل أبرزها تأخرٌ في النمو العام، و تأخر في النمو اللغوي، و تأخرٌ في النمو العقلي، و تأخرٌ في النمو الاجتماعي، وتأخر في النمو السلوكي (العقرباوي، 2003). إن أشكال الإساءة التي تنال من كرامة الطفل وحقوقه لا تزال موجودة بفعل غياب العوامل الكفيلة بتعزيز الفهم والإحترام من قبل مؤسسات المجتمع المختلفة وعلى رأسها الأسرة لحق الطفل في الحياة الحرة الكريمة. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • ثقافة المربي (2)

    أ. د. محمد أمين حامد القضاة، أستاذ في قسم القيادة التربوية والأصول، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية عرض في الجزء الأول من المقال مفهوم التربية، ومفهوم الثقافة، فيما يعرض في الجزء الثاني عناصر ثقافة المربي. لا بد بداية وقبل الحديث عن ثقافة المربي وعناصرها بيان التالي: من المربي؟ وما مهمته؟ وهل مهمته ربانية؟ ومن أول مربي؟. للإجابة على هذه الأسئلة لا بد من الرجوع إلى التعريف اللغوي للتربية وهل من علاقة بينها وبين الأصل اللغوي لاسم الله تعالى الرب؟ لأن كشف اللثام عن ذلك يجلي لنا المسألة. وكما ذكر سابقا، في الجزء الأول من المقال، للتربية جذور لغوية تتمثل بـ: ربا: بمعنى نما وزاد. ربَ: بمعنى أصلح. ربي: بمعنى نشأ وترعرع. فالتربية في لغة تعني: النماء، الزيادة، التزكية، والعلم، والإصلاح، والتأسيس والإنشاء. فيما يطلق الرب في اللغة على معان منها: المالك، قال الله تعالى: "يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا" (يوسف،41)، والمصلح، رب الشيء؛ أي: أصلحه[1]، قال ابن الأثير: "الرب يطلق في اللغة على المالك، والمدير والمربي والقيم، والمنعم"[2]، وقال ابن كثير " والرب هو المالك المتصرف ويطلق في اللغة على السيد، وعلى المتصرف للإصلاح وكل ذلك صحيح بحق الله تعالى"[3]. فوصْفُ الرَّبِّ مِن الناحية اللغوية يكُون لمن أنشَأ الشَّيْءَ حالًا فحالًا إلى حَدِّ التمامِ، أو قام على إصلاحِ شؤونِه وتولَّي أمرَهِ بانتظامٍ[4]. ومن هنا يلاحظ التقاء في المعنى اللغوي بين التربية وبين اسم الله سبحانه الرب، من جانب الإصلاح والتنشئة، فالله سبحانه وتعالى هو المربي والمصلح لعباده بما من عليهم وبحث منهم رسلا يخرجونهم من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهداية. وعليه فآدم عليه السلام أول مرب من البشر؛ بصفته نبيا وأبا وزوجا، وأمنا حواء أول مربية بصفتها أما وزوجا. وفي هذا رد على ما قدم به عبدالله عبد الدايم كتابه التربية عبر التاريخ بقوله[5] " لن نبدأ تأريخنا للتربية متسائلين: هل كان آدم مربى؟ ولن نحذو حذو ذلك الفيلسوف الألماني الذي استهل تأريخه للفلسفة متسائلا: هل كان آدم فيلسوفا؟ صحيح أن التربية وجدت منذ وجد آباء وأمهات رعوا أبناءهم. غير أننا لسنا في معرض البحث عن تلك القرزمات الأولية للتربية. وقد يكون مثل هذا البحث أقرب إلى الفضول العلمي والتنقيب الكمالي منه إلى البحث الجدي المفيد في مجال التربية". وبناء على ما تقدم، فكل مرب مصلح متقن لمهمته، يكون قد اشترك مع أنبياء الله سبحانه بصفة الإصلاح، وهل كان الأنبياء إلا مصلحين؟ وهذه أهم قضية لا بد أن يتثقف بها المربي، لينقلها لمن يقع فعل تربيته عليهم؛ وهو بذلك ينقل لهم شرف عمله ومهمته، وبالتالي يقدرون عمله، ويعظمونه، وهذا مدعاة لأن يكون تأثير قوله وفعله عليهم أجدى وأثبت، فعادة – وكما هو معلوم- كلما كان المتربي ينظر إلى مربيه بنظرة تقدير واعتزاز وفخر، كلما كان تأثره به أكبر. ومن هنا يظهر أن لثقافة المربي أثر على المربي نفسه، والمتربي بآن واحد. ولتحقق ذلك لا بد للمربي أن يكون مثقفا وصاحب إحاطة معرفية بعدة مجالات فلا بد لمن يتصدّى لتربية الناس من صفات يتأهّل بها ليشغل تلكم الوظيفة، ويقوم بها خير قيام. وتتمثل ثقافة المربي المطلوبة من ثقافة أساسيّة[6]: كعلوم الدين، واللغة، والتّاريخ، بما يرفع عنه الجهالة المشينة، فأيّ نقص يحمله المرء حين لا يعرف المعلوم من الدّين بالضّرورة، كأركان الإيمان والإسلام وأحكامهما الرّئيسة؟ وما أحوج التّربية إلى أناس يتقنون لغتهم، وينزلونها في موضع مقدّس، فاللغة أول أهداف المحتل البغيض؛ ليكسر العمود الفقري لثقافة المجتمع، وسيكون التّاريخ خير رافد للمربي في مسيرته لإصلاح نفسه وغيره. وإذا أصبحت القاعدة الثّقافية الأفقيّة للمربي متينة بهذه الأسس، ناسبه أن يزيد من ثقافته التّخصصيّة في المجال التّربوي، لأنّها ميدانه الخصب، وأن يولي العلوم الإنسانيّة أهمية في مساره الثّقافي، فيأخذ بطرف من علوم الإدارة والاجتماع والنّفس، ومن نافلة القول ألّا يحرم نفسه من الثّقافة العامة، فهي من طرائف الحكمة التي تقاوم الملل، وتلّطف الحديث، وتنّشط لمزيد من الجدّية بعدها. ويمكن إجمال عناصر الثقافة الأساسية التي بدونها لا يستطيع المربي أداء مهمته بما يلي: ثقافة إسلامية: فلا بد من إحاطة بأساسيات العلم الشرعي، وهو ما يعبر عنه بما علم من الدين بالضرورة. فالقرآن الكريم أساس هذه الثقافة ومنبعها؛ فإليه ترجع تعالم الإسلام من عقائد ومفاهيم وقيم وعبادات وشعائر وأخلاق وآداب وقوانين وشرائع، فالقران الكريم حاو لحقائق الكون والنفس والحياة، وحقائق الاجتماع الإنسان، فلا بد للمربي أن يحفظ من القرآن الكريم قدر استطاعته؛ إضافة إلى دوام تلاوته بتدبر، وأن يتقن تلاوته. وكذلك لا بد من الإحاطة بعلوم القرآن الكريم[7]. ومثل ذلك للسنة الشريفة المصدر الثاني للتشريع، فلا بد من معرفة بصحيحها وضعيفها، والمقصود هنا معرفة استخراج الصحيح من الضعيف، ومما سهل الأمر في العصر الحديث وجود برامج ومواقع تخص بذلك تمكن معرفة درجة الحديث بسهولة ويسر. وكذلك لا بد من اطلاع على الجزء العملي من السنة؛ وأعني هنا السيرة النبوية؛ هديه عليه السلام في كافة شؤون الدين والدنيا. وزد على ذلك ثقافة بعلم الإيمان والفقه لمعرفة الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وأحكام الأسرة، وأن يكون ذا قدرة على مراجعة هذه الأحكام والوصول إلى مضانها في مصادرها. وكل هذا يتطلب أن يكون المربي متمكنا من اللغة العربية وأدواتها. فلا بد أن يكون المربي سليم اللسان، صحيح الأداء، جيد التعبير. ثقافة بالرسول المعلم صلى الله عليه وسلم وأساليبه في التعليم، لعظيم صلته بالعلم والعلماء والتعليم والمتعلمين؛ فقد أثبت التاريخ[8] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم کان معلما وأي معلم؟ فنظرة يسيرة إلى ما كانت عليه البشرية قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى ما آلت إليه البشرية بعد رسالته، تعطينا أوضح شاهد ودليل على ثبوت ذلك. وإذا لاحظنا النماذج المعلمة الهادية من النوع الإنساني، التي شاهدتها البشرية بعد الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم، رأيناها تدل أقوى الدلالة على عظم هذا المعلم المربي الكبير، الذي تتقاصر أمامه أسماء كل الكبار الذين عرفوا وذكروا في عالم التعليم والتربية وتاريخهما. فأي معلم من المربين تخرج على يديه عدد أوفر وأهدى من هذا الرسول الكريم، الذي تخرج به هؤلاء الأصحاب والأتباع؟ فكيف كانوا قبله؟ وكيف صاروا بعده؟! إن كل واحد من هؤلاء الأصحاب دليل ناطق على عظم هذا المعلم المربي الفريد الأوحد. وهذا يذكرنا بكلمة طيبة جدا لبعض الجهابذة الأصوليين، يقول فيها: لو لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة إلى أصحابه، لكفوه لإثبات نبوته[9]. ثقافة تاريخية: سواء تعلقت بتاريخ الإسلام والمسلمين، أو بتاريخ الأمم الأخرى. على أن تكون احاطة بهذا المجال مبنية على حقائق علمية بعيدة عن العاطفة والتقديس. ثقافة المربي العامة وإدراكه لما يدور في عصره. فلا بد من إحاطة بواقع العالم الإسلامي اليوم ومشاكله، وكذلك إحاطة بواقع الدول الأخرى وطبيعتها، ولا بد من متابعته للأحداث العالمية ليكون دائم الاطلاع وليوظفها حيثما دعت الحاجة. ثقافة بعلم التربية، سواء الخاص بطبيعة وسمات المراحل العمرية؛ مرحلة الطفولة أو الفتوة، أو الشباب، أو مرحلة الرشد، أو الخاص بأصولها الاجتماعية والتاريخية والفكرية، أو الخاص بأساليب التدريس وطرائقه. فعلم التربية يمكن المربي من حسن توجيه المتربين والتأثير فيهم، وإثارة حوافز الخير في أنفسهم، فهي تمكن المربي من الارتقاء بمفاهيمه وأخلاقه وسلوكه. ثقافة بطرق الاتصال والتواصل: يعد التعامل مع الناس فن من الفنون ذات الأهمية الخاصة، نظرا لاختلاف طباعهم وشخصياتهم، فمن المتعذر حيازة رضا واحترام وتقدير الآخرين بسهولة، لكنه ممكن عن طريق حسن التواصل معه، لذا تعدّ عملية اتصال المربي مع الآخرين من أساسيات الفعل التربوي، فمهارات تواصل المربي هي قدراته التي يستخدمها عند تقديم أو تلقي مختلف أنواع المعلومات مثل إيصال الأفكار والمشاعر للمتربي. وبها يمكن للمربي أن يصل للمتربي وأن يحوز ثقته. لأجل ذلك تعد الثّقافة للمربي، وسيلة ينمي بها فكره، ويكمل نقصه، وهي أداة يستخدمها لأداء وظيفته في تزكية النّاس، وتربية الأجيال، وتقويم المجتمع؛ إن مربياً مثقفا يستطيع مـا لا تسـتطيع التجهيزات والوسائل والمرافق أن تماثله لتحقيق التربية المثلى. فالتربية الأمثل تأتي عادة من المربي الأمثل. خاتمة: يظهر لنا مما سبق أهمية أن يعتني المربي بتنمية ثقافته، والعمل على تجويدها وتنويعها، وتاليا بعض المراجع التي أرشحها لذلك: الرسول المعلم وأساليبه في التعليم، عبد الفتاح أبو غدة. مشكلة الثقافة، مالك بن نبي. أصول التربية الحضارية في الإسلام، هاشم الأهدل الشخصية ومنهج الإسلام في بنائها ورعايتها، ناصر بن عبد الله التركي. رؤية إسلامية لأحوال العالم المعاصر، محمد قطب. نحو نظام معرفي إسلامي. فلسفة التربية الإسلامية دراسة مقارنة بالفلسفات التربوية المعاصرة، ماجد عرسان الكيلاني. السلوك الاجتماعي في الإسلام. تذكرة السامع في أدب العالم والمتعلم. شروط النهضة، مالك بن نبي. فن الاتصال برت دكر، ترجمة عبد الرحمن الشمراني. المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية عبد الكريم زيدان مدخل لدراسة الشريعة، يوسف القرضاوي. الأساليب التربوية عند شيخ الإسلام ابن تيمية، خطاب السعدي. مسؤولية الأسرة المسلمة في تحقيق التربية الوقائية، عبد الرحمن عبد الكريم. كتب تربية الأولاد في الإسلام. كتب تاريخ الإسلام. كتب السيرة النبوية. وأخيرا فما وجدتموه من خير فهو من الله سبحانه وتعلة ومن جميل ستره، وما كان على غير ذلك، فهو من تقصير العبد الفقير لله تعالى وضعفه. والحمد لله على جميل ستره وعظيم عطائه. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المراجع: [1]. انظر: تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي، 2001. [2]. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، الحلبي، 1963. [3]. انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير، 2010، ص 198. [4]. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، الحلبي، 1963.. [5]. انظر التربية عبر التاريخ، عبدالله عبد الدايم، 1984، ص: 11. [6]. انظر: ثقافة المربي في عصر مختلف أحمد العساف 1439 http://almoslim.net/news/287435 [7]. انظر: ثقافة الداعية للقرضاوي، 1996. [8]. انظر: الرسول المعلم وأساليبه في التعليم، عبد الفتاح أبو غدة، 1997. [9]. نقلا عن المرجع السابق ص: 14.

  • الاسرة والتنشئة الإجتماعية

    د. صالح حرب الرقب، أ.د. محمد صايل الزيود تعتبر التنشئة الاجتماعية عملية تربوية بالغة الأهمية في حياة الإنسان والمجتمع نظرا لدورها في نقل الإنسان إلى العالم الإجتماعي والتفاعل والتواصل بإستخدام أدوات مجتمعه التربوية، ذلك ان الإنسان وعند وصوله لهذه الدنيا تنحصر قدراته بالقيام بعمليات بيولوجية خالصة تضمن له العيش والنمو بصوره طبيعية، مع وجود قابلية كبيرة لتعلم الأدوار واكتساب المعايير والتقاليد و التكيف والتأقلم. فالعملية التي تنقل الطفل من عالم العادات البيولوجية والآلية إلى عالم له تقاليده ومعاييره الخاصة، يطلق عليها التنشئة الاجتماعية. والتي تعتبر وسيلة لنقل الثقافة والحضارة من جيل إلى جيل، لكي تحفظ بقاء المجتمع وترسم شخصيته وتحدد هويته ومستقبله. وبما أن التنشئة الاجتماعية عملية مجتمعية، لا تتم إلا ضمن إطار اجتماعي، فإن جميع مؤسسات المجتمع تتفاعل من أجل القيام بهذه العملية، بدءاً من الأسرة التي تستقبل المولود الجديد منذ قدومه إلى الحياة، ومروراً بمؤسسات كثيرة كالمدرسة وجماعة الرفاق ودور العبادة ووسائل الإعلام. وتُعَدُّ الأسرة بصفتها إحدى المؤسسات التي تقوم بعملية التنشئة الاجتماعية، الوعاء الثقافي الأول الذي يشكل حياة الفرد ويحدد شخصيته وأسلوب تفكيره، فهي من خلال عملية التنشئة الاجتماعية توضح معالم المثل العليا للفرد باعتبارها أهم جماعة مرجعية تحدد الفكر والسلوك، وهي في ذات الوقت الجماعة الأولية التي تحدد الأنماط الثقافية والاتجاهات السلوكية والممارسات الاجتماعية، وتعمل على نقل الثقافة بما تتضمنها من قيم ومعايير وسلوك وأفكار وعقائد، كما تحدد الأسرة الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد وتغرس فيه مستويات الطموح والإحباط على السواء. (أحمد وآخرون، 1995 ). وهناك علاقات سببية مؤثرة بين الأنماط الوالدية في التنشئة وسلوك أطفالهم، كونها لا تتم بمعزل عن الواقع الذي توجد فيه، وبالإضافة إلى ذلك، فان المشاهدات الحياتية توضح أن شخصيات الأطفال ما هي إلا حصيلة لأثر خبرات الطفولة التي مروا بها. ولما كانت أساليب التنشئة وخبرات الطفولة مختلفة، فإن شخصيات الأطفال تتنوع وتختلف من طفل إلى آخر، فأحياناً يشاهد بعض الأطفال الذين يتمتعون باستقلاليتهم وقدرتهم على الاعتماد على الذات، وفي المقابل هناك أطفال يفتقدون لهذه الصفات، بحيث يكونون مغرقين في اتكاليتهم وعجزهم وانسحابهم المتكرر من مواجهة مواقف الحياة المختلفة. إن التنشئة الأسرية المثلى هي التي تستطيع أن تحقق إشباع حاجات الطفل في إطار من الأمن، وذلك بالتزام جانب المرونة والاعتدال في فرض النظام عليه، والبعد عن التزمت والتشدد معه؛ فالطفل ليس قطعه من صلصال تشكله الضغوط الخارجية دون أن يستجيب لها أو يتفاعل معها. فالعامل الجوهري الفعال هنا، هو موقف الوالدين واتجاهاتهما نحوه، عندما يكافئان نجاحه بالاستحسان والاحترام الصادق، ويغدقان عليه المحبة والحنان، دون تقلب أو تذبذب (حمود،2004). وإذا كانت الأسرة من خلال دورها، كأهم وسيط من وسائط التنشئة تسهم في تشكيل سلوك الأبناء، فإنه لا يمكن إنكار دور المناخ الاجتماعي الذي تعيش فيه الأسرة سواء أكان مجتمعاً محليا أو مجاورة سكنية وما يتسم به من بعض الصفات والخصائص التي تميزه عن غيره من سائر المجتمعات، والتي يكون لها –في اعتقاد الباحث – تأثير لا يقل أهمية عن دور الأسرة على أفرادها بمعنى أن المناخ الاجتماعي يسهم بما لا يدعو للشك في تبنى أساليب معينة في التنشئة الاجتماعية تختلف من مكان لآخر باختلاف ثقافة المجتمع إلى جانب المستوى التعليمي وثقافة الوالدين وعوامل أخرى خارج وداخل الأسرة. في ظل هذا التنوع في تناول التنشئة الاجتماعية فقد اختلفت الزوايا التي ينظر منها العلماء والباحثون إلى مصطلح التنشئة الاجتماعية أثناء تناولهم لموضوع التنشئة الاجتماعية، فيرى النجيحي (1989). أن التنشئة الاجتماعية عملية تكيف الفرد مع الظروف والمواقف التي يحددها المجتمع الذي يكون عضواً فيه. وأشار بارسونز (1965, Parsons) إلى أن التنشئة الاجتماعية عملية تعتمد على التلقين والمحاكاة والتوحد مع الأنماط العقلية والعاطفية والأخلاقية عند الطفل والراشد، وهي عملية دمج عناصر الثقافة في نسق الشخصية بالإضافة إلى أنها عملية مستمرة. ويعرفها هذرينجتون وبارك (1993) Hetherington and Parke بأنها العملية التي يتم فيها تعليم أفراد جدد في المجتمع، قواعد وقوانين اللعب الاجتماعي، حيث تحاول مؤسسات التطبيع الاجتماعي المختلفة مساعدة الأفراد الجدد، وتبني القوانين والقواعد التي تساعدهم على اللعب بالطريقة نفسها التي يلعبون بها. أما ناصر (2004 ) فيرى أن التنشئة " هي تربية الفرد وتعليمه، وتوجيهه، وتثقيفة، وتلقينه لغة الجماعة التي ينتمي إليها، وسنن حياتها، والخضوع لمعاييرها وقيمها والرضا بأحكامها، والتطبع بطباع الجماعة المحيطة، وتمثل السلوك العام والخاص بالجماعة التي يعيش بينها، وممارسة ما توارثوه وأدخلوه إلى ثقافتهم الأصلية من وسائل جديدة، أُخذت أو استُعيرت وكُيّفت لثقافتهم، وما توصلوا إليه من حضارة، وتقدم وتطور، والاستجابة للمؤثرات الخاصة بهم، والرضا بأحكامهم، والسير ضمن الإطار الذي يرضونه، للوصول إلى الأهداف التي يريدونها، وهكذا يتطبع الفرد بطباعهم، ويفكر مثلهم، ويشعر بشعورهم، ويحس بإحساسهم ويسلك مسلكهم، فنقول: إنه اندمج معهم، وأصبح واحداً منهم ". وينظر كل من الكن وهاندل (1987, Elkin and Ghandle )، إليها على أنها تعلم الفرد القدرة على التعامل مع مجتمعه أو بيئته الاجتماعية. ومن خلال استعراض التعاريف السابقة التي تناولت مفهوم التنشئة الاجتماعية، يتضح بأن معظم المحاولات التي تطرقت لتعريفه، نظرت إلى هذه العملية على أنها إما عملية تكيف أو عملية تحويل الإنسان من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي، أو أنها عملية متعلمة ومكتسبة ومستمرة، وتسعى لدمج عناصر الثقافة في نسق الشخصية بهدف تشكيل الفرد. وهكذا يمكن اعتبار التنشئة الاجتماعية بأنها تلك العملية التي يتحول الفرد خلالها من طفل يعتمد على غيره، ويتمركز حول ذاته، لا يهدف في حياته إلا إلى إشباع حاجاته البيولوجية، ولا يستطيع إرجاء إشباع حاجاته حين يشعر بالدافع إلى الإشباع، إلى فرد ناضج يدرك معنى المسؤولية وكيف يتحملها، ويعرف معنى الفردية والاستقلال، يسلك معتمداً على ذاته اعتماداً نسبياً، فرد لا يخضع في سلوكه إلى حاجاته البيولوجية ويستطيع أن يضبط انفعالاته ويتحكم في إشباع حاجاته، فيرجئ إشباع تلك الحاجات التي يقضي الموقف إرجاءها ويقمع التي يرفض المجتمع إشباعها، ويدرك قيم المجتمع ومعاييره على المستوى المعرفي والانفعالي فيلتزم بها، ويكون قادراً على إنشاء علاقات اجتماعية مع الآخرين، فيستمتع بها ويمتع بها الآخرين ( سلامة وآخرون ، 1977) . وفي الحقيقة لا بد من التأكيد على أن التنشئة الاجتماعية يجب أن تتضمن التفاعل الذي يعني التأثر والتأثير. فليست الغاية من التنشئة خلق شخصيات تكون نسخاً كربونية طبق الأصل عن الكبار الذين ينشئونها ولا إيجاد شخصيات تعيد تكرار الواقع الذي نعيش فيه, فكثيراً ما تعالت الصيحات التي تدعوا إلى تغيير الواقع والثورة عليه, وبما أن الفرد هو صانع التغيير، ولا يولد مزوداً بهذه القدرات فإنه بحاجة إلى تنشئة اجتماعية تزوده بتلك القدرة على صنع التغيير. ولذا ينبغي أن تسعى التنشئة الاجتماعية إلى تزويد الفرد بالأطر الاجتماعية والثقافية العامة للمجتمع الذي ينتمي إليه، مما يجعله متصفاً بالملامح الأساسية التي تميز هذا المجتمع عن غيره، وبحيث تتاح له حرية التحرك داخل هذه الأطر من أجل القيام بالتغيير اللازم الذي ينشده المجتمع للوصول إلى الأفضل، وليبقى مواكباً وصانعاً للتغيرات التي تحدث. فقد تغيرت النظرة التقليدية التي كانت تعتبر الطفل مادة خام، نشكلها كيفما نشاء، أو صفحة بيضاء يخط عليها المجتمع ووكالاته ما يريد من الخطوط والأشكال والألوان الثقافية. فقديماً كان يُنظر إلى الطفل على أنه كائن متلقّف، يخضع لعملية تنميط فاترة. إلا أن دراسة حالة المجتمعات المعقدة، تثبت أن عملية التنشئة الاجتماعية إنما هي عملية تفاعل وتواصل غني ومتعدد الجوانب ما بين المجتمع والطفل. إنها عملية تواصل في اتجاهين من المجتمع إلى الطفل وبالعكس منه إلى المجتمع ، وكما أن للمجتمع غاياته التي يريد تحقيقها في تنشئة أبنائه كذلك فإن للطفل دوافعه وحاجاته للانخراط في عملية التفاعل هذه، ولا مبالغة في القول بأن نشاط الطفل في عملية التنشئة الاجتماعية يَعْدُل نشاط المجتمع ذاته ، فالطفل ليس كائناً بيولوجياً مغلقاً على ذاته ينتظر فعل الوسائط الخارجية لإخراجه من عزلته وفرديته، بل هو منذ البداية كائن يثير التفاعل في محيطه، وهو يتمتع فطرياً بشهية للتفاعل والتواصل والانتماء والاندماج تثير المحيط من حوله. وبقدر ما يكون هذا المحيط متحفزاً ومتجاوباً مع الطفل، ويقدم له المثيرات الملائمة ، تزداد فرص غنى وارتقاء التفاعل الاجتماعي وتترسخ عملية التنشئة ( المكتب التنفيذي ، 1994). وتتأثر التنشئة الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة بعدد من العوامل والمتغيرات المتشابكة والمتداخلة، والتي لها انعكاساتها السلبية والإيجابية؛ فالأسرة كنظام اجتماعي تتأثر بالنظم الاجتماعية المختلفة وتؤثر فيها. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • الحرية الأكاديمية وإبداع الجامعة و الأستاذ الجامعي

    د. محمد علي الشبول، أ. د. محمد صايل الزيود تشكل الحرية الأكاديمية المحور الرئيس بالنسبة للجامعة كونها الوسيلة الأساسية لتحقيق تميزها وقيامها بدورها في التعامل مع المعرفة إنتاجاً ونقلاً وتطبيقاً، فمن الصعب تصور جامعة بدون وظيفة التعامل مع المعرفة وبدون حرية أكاديمية، فالعلاقة بين الجامعة والمعرفة والحرية الأكاديمية علاقة وطيدة عضوية. فبالحرية الأكاديمية والمعرفة تنهض الجامعة وتزدهر، وبالحرية الأكاديمية تنتج المعرفة العلمية الحقة، لذلك فإن مبررات وجود الحرية الأكاديمية ومطالبة الجامعيين بحق التمتع بها أمر لم يغب عن أي جامعة تنتج المعرفة وتبني الإنسان وأصبح لها حضورها اللافت بين جامعات العالم. تشير الحرية الأكاديمية بالنسبة للجامعة الى إستقلالية الجامعة وتمتعها بحرية اختيار نظامها وبرامجها ومناهجها وطرائق تدريسها واختيار هيئة التدريس فيها وعدم وضع قيود على ما تدرسه، ولهذا فإن الأمور التي تتطلبها الحرية الأكاديمية توفر الضمانات الكافية للأساتذة ضد الضغط والتهديد بالفصل أو الطرد أو العقوبة (شارل، 1971). كما أن الحرية الأكاديمية هي حرية الأستاذ الجامعي في تدريسه وفي بحثه وفي التعبير عن آرائه ونظرياته تعبيراً حراً دون أن يكون عرضة للاضطهاد بسبب الآراء التي يأخذ بها أو يدرسها، كما تشمل حرية الجامعة في إدارة شؤونها الداخلية واختيار أفراد هيئتها التدريسية (عقراوي، 1986). وتشير كذلك إلى حرية أعضاء الهيئة الأكاديمية فرادى وجماعات في سعيهم للمعرفة والتطور العلمي وتبادل المعلومات من خلال البحث العلمي المنظم والدراسات والمناقشات والتوثيق والإنتاج، والتأليف، والترجمة والخلق والإبداع والتعليم والمحاضرات). إن الحرية الأكاديمية تمثل مجمل نشاط الهيئة الأكاديمية في أي بلد وكل ما يحيط بهذه النشاطات من أمور ثانوي باعتبارها جزء أساسي من حقوق الإنسان العالمية المعلنة من قبل الأمم المتحدة. إن مفهوم الحرية الأكاديمية يشير كذلك إلى حق المعلم أو المتعلم أو الباحث في استقصاء مجالات المعرفة والتعبير عن رأيه دون خوف أو وجل من التدخل القسري أو القيود أو الطرد، فالحرية الأكاديمية تتساوى مع حرية الكلمة وحرية الصحافة وحرية العبارة كصفة جوهرية يتميز بها المجتمع الديمقراطي (شقير، 2003). وتقرن الحرية الأكاديمية بالجامعة، وبوظائفها الثلاث المعروفة وهي: التعليم، البحث العلمي، والخدمة العامة "خدمة المجتمع" وبهذا يقع على الجامعة مسؤولية توفير السبل المختلفة لضمان تحقيق هذه الوظائف من أجل التفاعل المثمر لتحقيق وظائف الجامعة في مجالات التعليم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع، في إطار فلسفة المجتمع، ومن هنا فإن الحرية الأكاديمية ليست غاية في ذاتها بل إنها وسيلة من وسائل تنمية العملية التعليمية بمكوناتها الثلاث الأساتذة، والبرامج، والطلبة من خلال توفير تكافؤ فرص النمو المعرفي، وتطورها، وتوفير المناخ للاستفادة من منجزات العلم، والتراث الحضاري الإنساني في إثراء المناهج الجامعية، وهذا يتم من خلال ما توفره أجواء الحرية الأكاديمية من مبادئ تشمل حرية الاختيار، وحرية التفكير، والتبصر، والاستنتاج التي تتلاءم مع الطبيعة الإنسانية (الجعنيني وآخرون، 1997). وترتبط الحرية الأكاديمية بقضيتين أساسيتين من قضايا التعليم العالي، أولى هاتين القضيتين حق الإنسان في المعرفة، وحقه في التماس الحقيقة، وحق في تفهم طبيعة علاقته بالكون المحيط به، وتقرير طبيعة هذه العلاقة، أما القضية الثانية: فهي حق الأساتذة والطلاب في تنظيم حياتهم ورسم مناهجهم في البحث والتدريس وتقرير الوسائل القائدة إلى تحقيق ذلك. فطلب الحقيقة وتعطش الإنسان إليها وشوقه إلى التعبير عنها قديماً لم يبرأ منه حتى الأنبياء الموحى إليهم فقد سأل إبراهيم ربه أن يريه كيف يحي الموتى فما سأله " ألم تؤمن؟" قال بلى ولكن ليطمئن قلبي". أن ما يحرك الإنسان في سلوكه وقوله هو إرادة قوية قائمة على مبادئ واضحة من أهم المبادئ التي تضبط الحرية الأكاديمية وهو التزام المربي بالأخلاق والقيم والأفكار والبعد عن الرياء فلا يكون هناك أي تناقض أو تنافر بين ما يصدر عن المربي من رأي وفكر، ولا ينحصر ذلك على القول بل العمل، والسلوك والممارسة ليكون هذا العمل ترجمة حقيقية لكل ما يتبناه الفرد من مبادئ أو مثل ما فيكون أحق، وأقدر على ممارسة الحرية الأكاديمية بشكل مسؤول (الطويل، 1999). وتستند الحرية الأكاديمية إلى جملة من المبادئ منها: الأمانة: وتعنى الحرص على أداء الواجب كاملاً، فهي بالنسبة لعضو هيئة التدريس أن يحرص على أداء واجبه كاملاً، ومنها أن يحافظ على علاقته مع طلبته والتي يجب أن تقوم على المودة والاحترام، و المسؤولية: وتعني الالتزام بما يوكل للإنسان من مهام والقيام بها على أكمل وجه، الفضيلة: وتعني استغراق الإنسان لأوقاته فيما يعود عليه وعلى مجتمعه بالخير والصلاح (الجعنيني وآخرون، 1997). و الجرأة: وتعني قول الحق، والدفاع عنه دون خوف، الجرأة النابعة من الإحساس بالثقة بالنفس، والوعي والإدراك للأمور فالجرأة صفة إنسانية محببة شريطة أن تكون جرأة في قول الحق، والدفاع عنه، ولكي يستطيع الأستاذ الجامعي ممارسة حريته الأكاديمية، لا بد من أن يتصف بالجرأة، أي بإحساس عميق بالقدرة على التعامل مع الموضوع بدون خوف شريطة أن يصاحب ذلك مهارة في التواصل والاتصال مع الآخرين (أبو ليل، 1992). ومراعاة قيم المجتمع: لأن الجامعة لا تعيش في برج عاجي فالأستاذ ينشط ويتعامل مع المجتمع، فإن من المناسب أن يأخذ الأستاذ هذا البعد الهام في حساسية أثناء ممارسته لحريته الأكاديمية في التعليم، والبحث، وخدمة المجتمع، وتصبح قيم المجتمع متغيراً هاماً في تبني المجتمع المعني لمخرجات الجامعة فإذا لم تكن هذه المخرجات مراعية لقيم المجتمع فإنه من الطبيعي أن تكون هذه المخرجات بعيدة عن احتلال بؤرة اهتمام المجتمع، وزيادة الهوة بين الجامعة والمجتمع، ولهذا فإنه من المفروض أن يدرك الأستاذ أن الحكم على القيم يتغير بتغير الزمان، والمكان، وهو ملزم بتبصر هذه القيم في كل ممارسة، وكل نشاط أو إبداع يقوم به مع التأكيد على أن هناك ثبات في درجة الالتزام بالإبعاد الحقيقة في المجتمعات البشرية، غير أن هذا لا يلغي حساسيته وضرورة مراعاتها الواعية (حمادة، 1989). والحلم: ويعني أن يحترم الإنسان من يعلم، ولا تكون ممارسته لحريته ممارسة المتغطرس فيغلب جهله حلمه، ومن أدعية الرسول عليه الصلاة والسلام "اللهم أغنني بالعلم وزيّنّي بالحلم" وبهذا فإن ممارسة الأستاذ لحريته تتسم بالممارسة الواعية المسؤولة كالتفكير والتدبير، والاعتبار، والنظر من السمات الأساسية في أستاذ الجامعة، ومتطلب أساسي أثناء ممارسته لحريته الأكاديمية. (حمادة، 1989). بالإضافة إلى المبادئ التي تستند عليها الحرية الأكاديمية فان لها أبعاد أبرزها: حرية التفكير: وهي ركن أساسي من أركان الحرية الأكاديمية، وتتمثل في قدرة الفرد على التعبير عن آرائه بأمانة وصدق وإخلاص، دون قيود للوصول إلى نتائج يمكن الاعتماد عليها. حرية الاختيار: هي قدرة الفرد وتمتعه بدرجة عالية من الاستقلالية في الاختيار من الإمكانات والبدائل التي يتوصل إليها، والتي تتاح له عبر سيرة حياته مما يناسب وميوله وإمكاناته وفلسفته في الحياة مع وعيه وانفتاحه على المعايير الشخصية وتحقيق الإبداع. حرية البحث: قدرة الفرد على إطلاق قواه الخلاقة المبدعة، وحقه في المناقشة، والنقد البناء، دون تعصب أو تحيز، مع مراعاة الموضوعية والإخلاص الحقيقية، حرية الاعتقاد: تعني أن يعيش الناس أحراراً في عقائدهم دون عوائق، وأن الدولة لا تسلب الناس حرية العقيدة، ولا تمنعهم من ممارسة حقهم فيها والدفاع عنها ضمن فلسفة المجتمع وهويته، ونظمه، وقوانينه، ولكن لا يعني الانقلاب على الأطر والضوابط والقيم، و حرية المشاركة في اتخاذ القرار (الجعنيني، 1997). إن الحرية المتاحة في أي جامعة تختلف من جامعة إلى أخرى ولكن لا بد من إعطاء الحرية الأكاديمية لعضو هيئة التدريس من خلال منحه الحق في وصف المواد التي يدرسها، وتدريس هذه المواد بالطريقة التي يراها مناسبة، وحريته في عرض أفكاره واستنتاجاته أمام طلبته دون أي تدخل أو قيد من الخارج، وحقه في نشر أبحاثه والنتائج التي توصل إليها أمام طلبته (محافظة، 1994). فالمدرسون ليسوا موظفين بل هم أعضاء في مؤسسة تعليمية، وأن توفر الحرية الأكاديمية لهم أصبح أمراً أساسياً في عصر أصبحت فيه الديمقراطية معياراً مهماً لتطور المجتمعات وتقدمها، ليتمكنوا من البحث عن الحقيقة بشكل أفضل، وييسر لهم سبل الوصول إليها، ويقوى عندهم القدرة على النقد البناء لكل ما هو مناف للعلم، وأن لا نحكم على عضو هيئة التدريس في الجامعة من منطلق أفكاره ومعتقداته، بل من منطلق كفايته وقدرته على القيام بالتدريس والبحث والخدمة العامة (الرشدان، 2000). إن توافر الحرية الأكاديمية يتجلى من خلال ما يمارسه أعضاء هيئة التدريس من أعمال بحرية من مثل تحضير الموضوع الذي يدرس وتطويره باستمرار والالتزام الكامل بالمواعيد والانضباط، والموضوعية (طرح وجهة نظره بعد طرح وجهات النظر الأخرى)، كذلك تحقيق مبدأ العدل فلا تحيز بينهم بسبب مرجعيات عشائرية أو إقليمية أو سياسية أو كونهم ذكوراً أو إناثاً، فالمفروض أن يكون أستاذ الجامعة كالماء لا لون ولا طعم ولا رائحة بل الكل يجد فيه مصدراً نقياً ينهل منه العلم والمعرفة وُيقتدى به في تعامله مع الآخرين (الجعنيني، 1997). إن الحرية الأكاديمية للجامعة كمؤسسة علمية وللأستاذ الجامعي والطلبة ضرورة للنهضة والتقدم ولتقوم الجامعة بدورها في بناء الإنسان وصناعة المعرفة وتبوأ المكانة التي تليق بها كما هو شأن الجامعات العالمية المرموقة التي صعدت للعلا بفعل حرية أكاديمية لعناصر مجتمعها بلا قيد أو شرط يقف في طريقها. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

  • أفضل أنظمة التعليم في العالم!

    تشير التصنيفات العالمية لأنظمة التعليم العالمية و التي تبنى على نتائج الإختبارات الدولية للطلبة للدول المشاركة في هذه الإختبارات بموضوعات محددة من مثل الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية بأن دول متقدمة لا زالت تحافظ على مكانتها من حيث جودة أنظمتها التعليمية وتميز في أداء طلبتها. وتعتبر إختبارات بيزا (PISA) من أهم الإختبارات الدولية التي تبين تمكن الطلبة من المعارف والمعلومات والمهارات والتي تعتمد كأساس لتصنيف دول العالم. وتشير أخر نتائج لإختبارات البيزا بأن على رأس القائمة الدول الأكثر تقدما تعليميا وضمت كندا والصين وإستونيا وفنلندا وهونغ كونغ واليابان وبولندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان، ولعل المفاجئة تمثلت بدخول بولندا القائمة من خلال عمل دؤوب طويل المدى في التطوير والتحديث لنظامها التعليمي. ويُعزى التميز والتفوق للطلبة إلى التدريس رفيع المستوى والجودة العالية في الخدمات التعليمية والبنى التحتية وتقديم تجربة تدريسية وتعليمية وتعلمية ترتكز على التعلم الشخصي لكل طالب؛ و جودة التدريس والتفاعل الصفي وتوفير تجربة للتعلم المرن المواكب والمراعي لطاقات وذكاءات المتعلم؛ و المرونة والاختيار في الخبرات والتجارب التعليمية، والتعلم المدعوم بالتكنولوجيا، والشراكة مع شركاء التعليم لإعادة تصميم المناهج الدراسية لترتكز على التفاعل و الكفايات ونتاجات تعلم محددة للحياة والعمل و شبكات للمعلمين تركز على تحسين قدراتهم وامكاناتهم بما يضمن تميز وتفوق في أداء الطلبة، و إعادة تصميم وتحديث كامل للمناهج ونظم التقييم المريحة للمتعلم وأسرته والتي تبعد كل قلق وتوتر عن حياة الطلبة وأسرهم، ويقف خلف ذلك تمويل سخي للتعليم، وتكافؤ حقيقي للفرص لجميع الطلبة. إن الحاجة ملحة لمتابعة أنظمة التعليم المتقدمة عالميا، خاصة من قبل صناع القرار ورجال الفكر والتربية والإطلاع عن قرب على كيفية عمل هذه الأنظمة وما هي الخطوات والإجراءات والإصلاحات التي ادخلتها على أنظمتها لتنتقل لهذه المراتب العليا المتقدمة في أداء طلبتها. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة. المصدر

bottom of page